للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرض إلى يوم القيامة ... موجه لكل من ينطبق عليه ذات يوم صفة {الَّذِينَ آمَنُوا}.

إن القرآن الكريم يربي وعي المسلم بحقيقة أعدائه وحقيقة المعركة التي يخوضها معهم ويخوضونها معه. إنها معركة العقيدة فالعقيدة هي القضية القائمة بين المسلم وكل أعدائه، وهم يعادونه لعقيدته ودينه قبل أي شيء آخر، وهم يعادونه هذا العداء الذي لا يهدأ لأنهم هم فاسقون عن دين الله ومن ثم يكرهون كل من يستقيم على دين الله: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (٥٩)} (١) ...

فالذين يحملون راية هذه العقيدة لا يكونون مؤمنين بها أصلًا ولا يكونون في ذواتهم شيئًا، ولا يحققون في واقع الأرض أمرًا ما لم تتم في نفوسهم المفاصلة الكاملة بينهم وبين سائر المعسكرات التي لا ترفع رايتهم. والذين يحملون راية هذه العقيدة لا يكونون مؤمنين بها ما لم يقتنعوا اقتناعًا لازمًا جازمًا لا أرجحة فيه ولا تردد بأن دين الله هو الدين الوحيد الذي لن يقبل الله من الناس سواه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)} (٢).

وبأن شرع الله لا يمكن أن يقوم مقامه أي منهج آخر من مناهج البشر ولن تستقيم حياة البشر إلَّا بإقرار شرع الله في أرض الله وتحكيمه في أوضاعهم وأنظمتهم وتنفيذه في أقضيتهم وأحوالهم.

إن الولاية التي ينهى الله الذين آمنوا أن تكون بينهم وبين اليهود والنصارى تعني التناصر والتحالف معهم ولا تتعلق بمعنى اتباعهم في دينهم


(١) سورة المائدة: آية ٥٩.
(٢) سورة آل عمران: آية ٨٥.

<<  <   >  >>