للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا من خيرها، ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود) (١).

"وإذا كان بعض الملوك والأفراد في بعض العصور وبعض البلدان من ديار الإِسلام قد انحرفوا عن مِهْيَع الإِسلام وهديه في شدة حرصه على العدالة والوفاء بالعهد والرفق الرحيم بالمعاهدين في أخذهم بشروطهم ومواثيقهم فإنهم قد وجدوا من أئمة الإِسلام وعلماء الأمة والقائمين على الدعوة إلى الله بالحق والشفقة على خلق الله، من يقوم في وجوههم بكلمة الحق يجهر بها وينكر عليهم ظلمهم لأهل الذمة والمهادنين والمصالحين من أي جنس وملة" (٢).

(فهذا أبو يوسف القاضي -رَحِمَهُ اللهُ- يقف في وجه هارون الرشيد قائلًا له: "وقد ينبغي يا أمير المؤمنين أيدك الله أن تتقدم في الرفق بأهل ذمة نبيك وابن عمك محمد - صلى الله عليه وسلم - والتفقد لهم حتى لا يظلموا ولا يؤذوا ولا يكلفوا فوق طاقتهم ولا يؤخذ حق من أموالهم يجب لهم فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ألا من ظلم معاهَدًا أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه") (٣).

وهذا يوضح لنا كيف كان قادة الفتح الإِسلامي يعاملون أهل الذمة وكل من ارتبط معهم بميثاق وعقد معاملة تعتمد على أصول وقواعد من القرآن الكريم والسنَّة النبوية وتصور مواقف أئمة الإِسلام وعلمائه في يقظة ضمائرهم


(١) الفاروق عمر بن الخطاب تأليف محمد رضا ص ٢٠٦ طبع دار الكتب العلمية لبنان الطبعة الأولى ١٣٩٨ هـ.
(٢) الموسوعة في سماحة الإِسلام لمحمد الصادق عرجون ١/ ٤٢٨.
(٣) سبق تخريجه ص ٢٣٩.

<<  <   >  >>