للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإيمان وذاقوا برد اليقين وصدقوا في عهدهم مع اللَّه فإنهم يثبتون على العهد ولا تؤثر فيهم فتنة ما دامت السموات والأرض، واللَّه تعالى هو المطلع على القلوب يقلبها كيف يشاء وهو سبحانه المصرف للأحوال ويعطى كلًا حسب نيته وصدقه والعكس بالعكس.

(إن الإيمان ليصر كلمة تقال، إنما هي حقيقة ذات تكاليف، وأمانة ذات أعباء، وجهاد يحتاج إلى صبر، وجهد يحتاج إلى إحتمال، فلا يكفى أن يقول الناس أمنًا وهم يتركون هذه الدعوى حتى يتعرضوا للفتنة، فيثبتوا عليها ويخرجوا منها صافية عناصرها خالصة قلوبهم. إذ الإيمان أمانة اللَّه في الأرض لا يحملها إلا من هم لها أهل، وفيهم على حملها قدرة، وفى قلوبهم تجرد لها وإخلاص، ولا الذين يؤثرونها على الراحة والدعة وعلى الأمن والسلامة وعلى المتاع والأغراء، وأنها لأمانة الخلافة في الأرض، وتحقيق كلمته في عالم الحياة.

وما باللَّه -حاشا للَّه- أن يعذب المؤمنين بالإبتلاء، وأن يؤذيهم بالفتنة، ولكنه الإعداد الحقيقي لتحمل الأمانة. . .

والنفس تصهرها الشدائد فتنفى عنها الخبث وتستجيش كامن قواها المذخورة فتستيقظ وتتجمع وتطرقها بعنف وشدة فيشتد عودها ويصلب ويصقل) (١) لكل هذا وذاك كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يحدث أصحابه عن الفتن التي ستحدث بعده، وقبيل الساعة، وكيف النجاة منها وتجنبها وكان يدعو قائلًا (اللَّهم أنى أعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيخ الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات) (٢) وكذلك


(١) في ظلال القرآن سيد قطب ج ٦
(٢) رواه مسلم

<<  <   >  >>