للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بن مريم في صلاة، مع أن الأحاديث الأخرى التي ذكرت أن عيسى يقتل الدجال بباب لد أو قريب منه لم تذكر أن ذلك يكون أثناء الصلاة، فكيف الجمع بين هذه وذاك؟؟

والجوب عن ذلك سهل بتسهيل اللَّه، غير أنه يتوقف على مقدمه وهي: أن الذي دلت عليه الأحاديث، أن عيسى عليه السلام يصلى أول صلاة بعد نزوله من السماء مؤتمًا بإمام المسلمين، إظهارًا لكرامة هذه الأمة وفضلها ثم بعد ذلك يتقلد عيسى مقاليد الأمور فيصير خليفة المسلمين، وتجمع له الصلاة أي يصير هو الإمام فيها مع قيامه بأعباء الإمامة العظمى، ومن هنا تعلم أن قوله في هذا الحديث: (فيؤمهم) على ظاهره، أي فيؤمهم في الصلوات، ولا شك أن مما شرعه اللَّه لهذه الأمة في جهادها مع العدو صلاة الخوف.

إذا تقرر هذا: فالحديث محمول على أن عيسى عليه السلام يؤم المسلمين في صلاة الخوف وهم يقاتلون الدجال ومن معه، فإذا رفع عيسى رأسه من الركوع أمكنته الفرصة من العدو فيحمل على الدجال فيقتله، ومباشرة الأعمال الواجبة الضرورية لا تمنع منها الصلاة كما هو معروف.

وهذا معنى قوله (وينزل عيسى بن مريم فيؤمهم، فإذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع اللَّه لمن حمده، قتل اللَّه المسيح الدجال -أي على يد عيسى- وإسناد القتل إلى اللَّه من باب قوله تعالى {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: الآية ١٧] فبهذا التأويل يتضح المعنى ويكون الحديث متفقًا مع غيره من الأحاديث، متمشيًا مع القواعد الشرعية الغزاء) (١).


(١) هامش التصريح فيما تواتر في نزول المسيح للكشميرى بتحقيق عبد الفتاح أبو غدة.

<<  <   >  >>