للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإما عند خروج النار التي تسوقهم إلى المحشر، فيعز حينئذ الظهر، وتباع الحديقة بالبعير الواحد، ولا يلتفت أحد إلى ما يثقله من المال، بل يقصد نجاة نفسه ومن يقدر عليه من ولده وأهله، وهذا أظهر الاحتمالات) (١).

وقال الحافظ في الفتح مشيرًا إلى حديث أبي هريرة قوله: (وحتى يكثر فيكم المال فيفيض)، يشعر أنه محمول على زمن الصحابة، فيكون إشارة إلى ما وقع من الفتوح، وإقتسامهم أموال الفرس والروم، ويكون قوله: (فيفيض حتى يهم رب المال) إشارة إلى ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز، فقد وقع في زمنه أن الرجل كان يعرض ماله للصدقة، فلا يجد من يقبل صدقته، ويكون قوله: (وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه: لا إرب لي به)، إشارة إلى ما سيقع في زمن عيسى بم مريم -فيكون- في الحديث إشارة ثلاثة أحوال:

الأولى: إلى كثرة المال فقط، وقد كان ذلك في زمن الصحابة، ومن ثم قيل فيه: (يكثر فيكم).

الثانية: الإشارة إلى فيضة من الكثرة، بحيث أن يحصل إستغناء كل أحد عن أخذ مال غيرها، وكان ذلك لي آخر عصر الصحابة وأول عصر من بعدهم ومن ثم قيل: (يهم رب المال)، وذلك ينطبق على ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز.

الثالثة: الإشارة إلى فيضه وحصول الاستغناء ولكل أحد حتى يهتم صاحب المال بكونه لا يجد من يقبل صدقته، ويزداد بأنه يعرضه على غيره، ولو كان ممن يستحق فيأبى أخذه، فيقول: لا حاجة لي فيه، وهذا في زمن


(١) فتح الباري: ١٣/ ٨٢.

<<  <   >  >>