للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشراط الساعة، فإن كانت من أشراط الساعة لا تكون إلا بين يديها قريبًا: فقد يكون هذا أيضًا واقعًا مرة أخرى عظيمة بين المسلمين وبين الترك، حتى يكون أخر ذلك خروج يأجوج ومأجوج، وإن كانت أشراط الساعة أعم من أن تكون مما يقع في الجملة، ولو تقدم قبلها بدهر طويل، إلا أنه مما وقع بعد زمن من النبي وهذا الذي يظهر بعد تأمل الآحاديث الواردة في هذا الباب (١).

قلت: هذا الذي ذكره ابن كثير هو المعول عليه، إذ أن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- قاتلوا الترك وانتصروا عليهم، ثم تعقب ذلك إن غزى الأتراك بلاد المسلمين وحدث بينهم من الحروب ما حدث.

وقد يكون هذا واقع ضمن الأحاديث عن غزو الأعاجم لبلاد المسلمين، إذ أن الترك اسم عام وشامل لأجناس مختلفة من الأعاجم: كالتتار وخوز وكرمان وأصحاب بابك الخرمى وأقوام نعالهم الشعر، وهم جملة من الذين غزوا بلاد المسلمين واستباحوا بيضتهم أيام ضعف الدولة العباسية وما تبعها. . . وهناك فرق بين غزو الترك لبلاد المسلمين أيام كانوا كفارًا مشركين، وبين غزوهم لبلاد المسلمين أيام دخولهم في الإِسلام ورفعهم رايته واعتبار فتوحاتهم جهادًا في سبيل اللَّه ونشر الدعوة الإِسلامية لا سيما، فتوحات الدولة العثمانية التي اتخذت الإِسلام دينًا رسميًا، وانساح جيشها في أصقاع المعمورة فاتحًا للبلاد ناشرًا دعوة الإِسلام، حتى وصلوا إلى شرق أوربا، وهم الذين أدخلوا الإِسلام إلى تلك البلاد كالبوسنة والهرسك وبلغاريا، حتى تاَمر اليهود على هذه الدولة، وأدخلوا أنياب غدرهم فيها حتى ضعفت وسقطت


(١) نهاية البداية والنهاية لابن كثير: ١/ ١٥.

<<  <   >  >>