للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسلمًا ليردنه على دينه، ولئن كان نصرانيًا أو يهوديًا ليردنه على ساعيه (١) وأما اليوم فما كنت لأبايع منكم إلا فلانًا وفلانًا) (٢).

قال الحافظ في الفتح: (حاصل الخبر أنه أنذر برفع الأمانة، وأن الموصوف بالأمانة يسلبها حتى يصير خائنًا بعد أن كان أمينًا، وهذا إنما يقع على ما هو شاهد لمن خالط أهل الخيانة، فإنه يصير خائنًا؛ لأن القرين يقتدى بقرينه) (٣).

ثم قال الحافظ ابن حجر: قال ابن التين: الأمانة كل ما يخفى ولا يعلمه إلا اللَّه من المكلف.

وعن ابن عباس: هي الفرائض التي أمروا بها ونهوا عنها. وقيل: هي الطاعة. وقيل: التكاليف. وقيل العهد الذي أخذه اللَّه على العباد.

وهذا الاختلاف وقع في تفسير الأمانة المذكورة في الآية {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} وقال صاحب التحرير:

الأمانة المذكورة في الحديث هي الأمانة المذكورة في الآية، وهي عين الإيمان, فإذا استمكنت في القلب، قام بأداء ما أمر به، واجتنب ما نهى عنه.

وقال ابن العربي: المراد بالأمانة في حديث حذيفة: الإيمان, وتحقيق ذلك فيما ذكر من رفعها لا تزال تضعف الإيمان, حتى إذا تناهى الضعف، لم يبق أثر الإيمان, وهو التلفظ باللسان، والاعتقاد الضعيف في ظاهر القلب.

أما قول حذيفة: (ولقد أتى على زمان): قال ابن العربي:

قال حذيفة هذا القول لما تغيرت الأحوال التي كان يعرفها على عهد النبوة


(١) ساعيه: المسئول عنه والحاكم عليه.
(٢) رواه البخاري: ٧/ ١٨٨ ومسلم برقم: (١٤٣).
(٣) فتح الباري: ١٣/ ٣٩ - ٤٠.

<<  <   >  >>