للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشاعر:

وهذا العيش ما لا خير فيه ... ألا موت يباع فاشتريه

وقال آخر:

أيا دهر أعملت فينا أراكًا ... ووليتنا بعد هجر قفاكا

قبلت الأشرار علينا رؤوسأ ... ووليت سفلتنا مستواكا

فيا دهر إن كنت عاديتنا ... فها قد عملت بنا ما كفاكا

• هل يجوز تمنى الموت؟

في الأحاديث السالفة إشارة إلى جواز تمنى الموت خوفًا على الدين ولا ينافى ذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا يتمنين أحدكم الموت من ضرٍّ أصابه، فإن كان لا بد فاعلًا فليقل: اللهم أحيني ما دامت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي) (١).

لأن هذا النهي إنما وارد إذا كان التمنى بسبب في أمر دنيوى أو مصيبة في النفس أو الأهل أو المال، أما إذا كان تمنى الموت خوفًا على ذهاب الدين لفساد الزمان وتمادى الفتن، فلا مانع من ذلك، وهذا موافق لما ورد في الدعاء: (وإذا أردت فتنة في قوم فتوفنى غير مفتون) (٢).

قال الحافظ في الفتح نقلا عن ابن عبد البر: (ظن بعضهم أن هذا الحديث معارض للنهى عن تمنى الموت، وليس كذلك وإنما في هذا أن هذا القدر سيكون لشدة تنزل بالناس من فساد الحال في الدين أو ضعفه أو خوف ذهابه، لا لضرر ينزل في الجسم) (٣).


(١) رواه البخاري: ٧/ ١٥٥ ومسلم: ٢٦٨٠.
(٢) جزء من حديث صحيح أخرجه الإمام أحمد برقم: ٣٤٨٤ والترمذي: ٣٢٣١.
(٣) فتح الباري: ١٣/ ٧٥ كتاب الفتن.

<<  <   >  >>