للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقهاء إفريقية) (١٢٣) فحاز الرئاسة فيما ذكر من أوصافه، وسارت فتاويه وتوثيقاته في بلاد إفريقية، ولا يفتي إلاّ بمشهور المذهب، فاعتمده النّاس / وقبلوا كلامه حتى في العاديات (١٢٤) لصحّة نظرة ودقّة فكره، فاعتمدوه في أمر دينهم ومعاشهم.

وكان حسن الخلق والسّياسة والسّيرة، يعود المرضى ويشيّع الجنائز ويهني (١٢٥) بالخير ويودّع المسافرين ويدعو لهم بالسّلامة، ويقبل الشّكوى، ويسعى كثيرا في إصلاح ذات البين لجميع الخلق، وقلّ من أدخله في حكومة وخالفه أو خرج عن إشارته لما يعلمون من نصحه للفريقين، بعيد عن الميل والجور في الحكم، يعفو عن المسيء ولا (١٢٦) يؤاخذ الجاهل ويعظه، فأقبلت القلوب عليه، وتوجّهت الرّغبات إليه، وكان حسن الإعتقاد، ملازما لدراسة دلائل الخيرات والنّظر في كتب الحديث ومناقب الصّالحين.

وقد حضر بين يديه ذات يوم خصمان فوقع بينهما لجاج (١٢٧) وخصام، وكان بين يدي الشيخ الجامع الصغير للحافظ السيوطي، فرفع أحد الخصمين يديه وضرب بهما على نسخة الجامع الصّغير وقال: إن وقع منّي كذا وكذا فلا أقوم من هنا إلاّ على أشرّ الحالات، أو ما (١٢٨) هذا معناه، فما استتمّ كلامه حتّى صرع وغاب عقله واعوجّ فمه، ورفع إلى داره فبقي كذلك أشهرا (١٢٩)، واستمرّ به كذلك (١٣٠) إلى الممات - عافانا الله من ذلك - فمن ذلك الوقت كثر خوف النّاس منه وصاروا يقولون للشّيخ: أعطنا الكتاب الذي حلف به فلان نحلف به فلم يجبهم لذلك.

وقد نقل أنّه لمّا كان صغيرا أوان تعلّمه العلم دخل على الشّيخ الصّالح المجذوب سيدي محمّد عبّاس (١٣١) - نفعنا الله به - وهو بجنانه المجاور له، فوجد / الشّيخ عبّاس يشرب الدّخان، فلمّا وصل إليه ناوله الدّخان وأمره بشربه فأبى ذلك لما يرى في الظّاهر


(١٢٣) ما بين القوسين ساقط من ط.
(١٢٤) في ط: «القيادات»، وفي ب: «الغاديات».
(١٢٥) في ط: «يمني».
(١٢٦) ساقطة من ط.
(١٢٧) في ط وب وت: «الجاج».
(١٢٨) في بقية الأصول: «وما».
(١٢٩) في ط: «شهرا».
(١٣٠) في بقية الأصول: «كذلك».
(١٣١) في بقية الأصول: «محمد بن عباس».