للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترجمة الشّيخ أبي محمّد حسن الشّرفي:

وأمّا ولده الشيخ أبو محمّد سيدي حسن الشرفي فكان (١٤٨) - رحمه الله تعالى - عمدة ثقة متفنّنا متقنا متمكّنا من علوم العربية بأنواعها، وعلوم الفقه وأحكامه، والحساب والفرائض والقراءات والأصلين، والحديث والتفسير، والمغازي والسير، وتخطيط البسايط والمنحرفات، وغير ذلك من علوم الفلك والميقات، / وبالجملة فهو (١٤٩) أقوى تركيبا من والده إلاّ أنّ الفضل للمتقدّم.

وبعد ما تفقّه بصفاقس إرتحل إلى تونس في طلب العلم، فأخذ عن شيخنا سيدي عبد الله السوسي، والشيخ سيدي محمد الغرياني، وشيخنا سيدي قاسم المحجوب، والشيخ المكودي (١٥٠) وأخذ القراءات عن الشيخ السبعي المقري، وأخذ إجازات المشايخ، ورجع إلى صفاقس بما معه من العلوم، فولّي خطبة الجامع الأعظم، سنة خمس وستين ومائة وألف (١٥١)، فقام بوظيفة الجامع حقّ القيام من خطبة وصلاة وتدريس وتوقيت وغير ذلك، ورتّب به عدّة مدرّسين وحلقات لقراءة القرآن العظيم سيما برمضان بعد صلاة التراويح إلى صلاة الصبح، وبقي كذلك إلى سنة تسع وستين (١٥٢) - حسبما مرّت الإشارة إليه - ثمّ ولّي القضاء كرها عليه، ولمّا أراد الأمير توليته إمتنع إمتناعا كليا وقال له: يا سيدي لا أتولّى القضاء لأنه ليست وظيفة آبائي وأجدادي وإنّما وظيفتنا الفتوى والخطابة، وكيف يكون أبي مفتيا وأنا قاضيا، فقال له: إنّا نريد أن نجمع في داركم بين الفتوى والقضاء، فامتنع، فقال له: إن لم تقبل طوعا تقبل كرها فقبل ثم طلب الخروج منه لصعوبة المقام وهوله (١٥٣) لكثرة لجاج الخصوم وتلبيسهم.

ومن غريب ما اتّفق له في أيّام قضائه أنّه أجّل رجلا في حقّ عليه لمّا ادّعى


(١٤٨) في بقية الأصول: «فقد كان».
(١٤٩) في ط: «فقد كان أقوى»، وفي ب وت: «فقد أقوى».
(١٥٠) أحمد بن الحسن بن محمد المعروف بالورشان الملقّب بالمكودي من بيت المكودي بقابس، الشريف الحسني المحدث المسند الراوية الفقيه نزيل تونس، واعتمده أهلها وإليه مرجع أسانيدهم وولي بها الفتوى (ت.١١٦٩/ ١٧٥٥. أنظر تراجم المؤلفين التونسيين ٤/ ٣٦٨ - ٣٦٩، فهرس الفهارس، دار الغرب الإسلامي، بيروت ٢/ ٥٥٨ - ٥٥٩.
(١٥١) ١٧٥٢ م.
(١٥٢) ١٧٥٥ - ١٧٥٦ م.
(١٥٣) في ط: «ووعورته».