للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البقر بأنواعه، وأنواع الرياحين من الورد والفل، والياسمين (٤٥)، والقرنفل إلى غير ذلك.

وبالجملة فبساتين صفاقس في هذه الأعصار مشهورة، ولأهلها بها قصور (٤٦) يسكنونها زمن الحر، ولا يتخلف أحد عن الخروج بجميع أهله، ويعملون من شرائح التين والزبيب والفستق واللّوز ما يعمّ أكثر البلاد، وبساتينها محيطة بها كنصف دائرة من البحر / إلى البحر، تبعد من السور إلى منتهاها شمالا بقدر سبعة أميال أو أزيد، فتتصل بساتينها بزيتون السّاحل القريب من قصر الجم، وهذا القصر أحد عجائب الدنيا من أبنية الأوائل.

[قصر الجم]

قال التجاني (٤٧): هو أعظم حصون إفريقية بناء وأشهرها على القدم، وليس بعد الحنايا التي بقرطاجنة بناء أضخم منه ولا أعجب، وشكله مستدير، وارتفاعه في الهواء مائة ذراع، وذكر البكري أن تكسير دائرته في الأرض ميل (٤٨)، ويقال أن الكاهنة المعروفة بكاهنة لواتة حصرها عدوها في هذا الحصن فحفرت منه سربا في الحجر الصلّد نفذت به إلى مدينة سلّقطة، يعني التي على البحر، وكانت أختها هنالك فكان الطعام يجلب إليها في ذلك السرب على ظهور الدّواب، وقد قاتل أهله يحيى بن إسحاق الميورقي - الآتي ذكره إن شاء الله - فأعياه وارتحل عنه خائبا، ويذكر أنهم رموه منه بعد الحصر الطويل بالسّمك حيّا، وأنهم جلبوه من ذلك النقب النافذ إلى سلقطة، فحينئذ أيس منهم، وارتحل عنهم.

وإلى جانب هذا الحصن قرية عامرة بها جنّات، ومزارع متّسعة، ومسجد جامع، وأسواق نافقة، يسكنها قوم من البربر كانوا قبل هذا ساكنين بقصر ملّيتة، من أرض زوارة بأرض / طرابلس، فأخلته العرب وأجلتهم منه، فسكنوا بهذه الأرض.


(٤٥) في ت: «الياسمين الأبيض» ومن الواضح أن الناسح زاد الأبيض، ففي صفاقس لا يوجد ياسمين له غير هذا اللون.
(٤٦) تسمى الأبراج ج: برج. وهي هرمية الشكل. راجع محمد المصمودي، المسكن التقليدي في أحواز مدينة صفاقس.
(L' habitation traditionnelle dans la banlieue de Sfax) ، مجلة مركز الفنون والتقاليد الشعبية بتونس، عدد ١، ١٩٦٨ ص: ١١ - ٣٩.
(٤٧) سينقل المؤلف عن رحلة التجاني بتصرف، ص: ٥٧ - ٦٦.
(٤٨) الكتاب المغرب من المسالك والممالك، ص: ٣١.