للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ} الآية (٢) وقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (٣). فالكتاب والسّنّة طريق الخلافة الحقيقية، فمن قام بهذه الخلافة على حقها سمي خليفة راشدا، كالخلفاء الراشدين بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم فهذا هو الإمام العادل، وإليه الإشارة بقوله علت كلمته: {وَإِذِ اِبْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ} (٤) الآية. ومن كان مخالفا لما بويع عليه من الكتاب والسنة فهو غير راشد، وإن أخذها بغير حقها، بل جبروتا وغصبا فهو مستخلف لا خليفة، وهو باسم الملك أحق من اسم الخليفة، واطلاق الخليفة عليه من حيث اظهار صورة البيعة التي عقدت له غصبا.

واعلم أن منصب الخلافة عظيم، وخطب جسيم، إلاّ على من وفقه الله وعصمه وحفظه، فروى البغوي (٥) في تفسير قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ} (٦): أن لقمان كان نائما نصف النهار / فنودي يا لقمان: هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض لتحكم بين الناس بالحق، فأجاب الصّوت وقال: إن خيّرني ربّي قبلت العافية، ولم أقبل البلاء، وإن عزم علي فسمعا وطاعة، فإني أعلم إن فعل ذلك بي أعانني وعصمني (٧). فقالت الملائكة بصوت لا يراهم: لم يا لقمان؟ قال: لأن الحاكم بأشقى المنازل وأكدرها يغشاه الظلم من كل مكان إن يعن فبالحري (٨) أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنّة، ومن يكن في الدنيا ذليلا خير من أن يكون شريفا، ومن تخيّر الدّنيا على الآخرة تفتنه (٩) الدنيا ولا يصيب الآخرة، فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة، فأعطي الحكمة، فانتبه وهو يتكلم بها اهـ‍ (١٠).

ولا بد في خلافة الاسلام من شرط (١١) كون الخليفة قريشيّا، لقوله - عليه


(٢) سورة الممتحنة: ١٢.
(٣) سورة الفتح: ١٨.
(٤) سورة البقرة: ١٢٤.
(٥) هو الحسين بن مسعود الفراء الملقب بمحيي السنة (ت.٥١٦ هـ - ١١٢٢ م) وتفسيره يسمى «معالم التنزيل» وهو مطبوع.
(٦) سورة لقمان: ١٢.
(٧) في ت: «أعانني عليه وعصمني» وفي ط: «ربي أعانني عليه وعصمني».
(٨) في الأصول: «أن يعدل فالاحرى أن ينجو». معالم التنزيل ٥/ ١٧٨ بهامش لباب التأويل للخازن (مصر بدون تاريخ).
(٩) في ت وط: «أتته».
(١٠) البغوي: «معالم التنزيل».
(١١) في ت: «شروط».