للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: هي أختي، وخاف إن قال هي امرأتي أن يقتله، فقال له: زينها وأرسلها إلي، فرجع إبراهيم إلى سارة فقال لها: إن هذا الجبّار قد سألني عنك، فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني عنده، فإنك أختي في كتاب الله، فإنه ليس مسلم في هذه الأرض غيري وغيرك، ثم أقبلت سارّة إلى الجبّار وقام ابراهيم يصلّي وقد رفع الله الحجاب بين ابراهيم وسارّة، ينظر إليها منذ أن فارقته إلى أن / عادت إليه، اكراما له وتطييبا لقلب ابراهيم - عليه السّلام - فلما دخلت سارة على الجبار ورآها، دهش في حسنها، ولم يملك نفسه أن مدّ يده إليها، فيبست يده على صدره، فلما رأى ذلك أعظم أمرها، فقال لها:

سلي ربّك أن يطلق يدي عليّ فو الله اني لا أوذيك فقالت سارة: اللهم إن كان صادقا فاطلق يده، فأطلقها الله تعالى، فوهب لها هاجر، وهي جارية قبطيّة جميلة، وردها إلى ابراهيم، فأقبلت إلى ابراهيم - عليه السّلام - فلما أحس بها انتقل من صلاته، وقال: هيه؟ قالت: كفى الله كيد الفاجر ووهبني هاجر، وقد وهبتها إليك فلعل الله يرزقك منها ولدا صالحا، وكانت سارة قد منعت الولد حتى أيست، فتغشّى ابراهيم هاجر فحملت وولدت له اسماعيل.

وأقام ابراهيم بأرض فلسطين بين الرّملة وإيليا، وهو يضيّف من يأتيه، وقد وسّع الله عليه وبسط له في الرّزق والمال والخدم.

قيل إن فرعون مصر لما وهب هاجر وهب معها تلك الأرض فأقطعها ابراهيم، فبقيت له ولبنيه من بعده، فهو يستطعم ويضيّف منها، فظهر من هذا أن الفراعنة كانت تعظّم الأنبياء، وكانوا يعترفون بملكوت السموات (والأرض) (٤١) وبه صدر أمر الأنبياء - عليهم الصّلاة والسّلام - وامتنعوا من تصديق الأنبياء احتجاجا بالكهانة والسحر والنجوم والسيمياء / ودعوا الألوهية ممن يدعيها، إنما هو طغيان وعتوّ واظهار للناس مع الاعتراف في أنفسهم بالعجز والافتقار، ثم إن الله - تعالى - تفضّل على سارّة بأن رزقها اسحاق، وأرسل الملائكة لابراهيم ولها بالبشارة، فرزق ابراهيم اسماعيل من هاجر، واسحاق من سارّة.

قيل إن اسماعيل واسحاق تهاوشا وتضاربا كما يتهاوش الأطفال، فقالت سارّة:

فرّق بين ابنيك، فأوحى الله إلى ابراهيم - عليه السّلام - أن يأتي بهاجر وابنها إلى مكة، فذهب بها حتى قدم مكة وهي اذ ذاك عضاة وسلم، وموضع البيت ربوة حمراء، فعمد


(٤١) ساقطة من ت وط.