للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرتدين ومانعي الزّكاة راغمة الأنوف ناكسة الرّؤوس، فاستقرّ الدّين، وثبتت قواعده (١٥٠)، ولم يتعد في أيّامه أحد إلى المغرب غازيا. ومآثره ومفاخره قد ملأت الكتب والدّفاتر، ولا تجد للنبي صلّى الله عليه وسلم تجدد حال إلاّ والصّدّيق - رضي الله تعالى عنه - مصاحب له فيه، وله به تعلّق حتى لم تفته معه صلّى الله عليه وسلم صلاة. وكان ثانيه في الغار. ولما مرض قيل له:

ألا ندعو لك طبيبا؟ فقال: رآني الطبيب، فقال: اني فعّال لما أريد، فمات سنة ثلاث عشرة (١٥١) عن ثلاث وستين سنة (١٥٢) على الأصح.

[خلافة عمر - رضي الله عنه -]

وبعد عهده (١٥٣) [بويع] (١٥٤) لعمر بن الخطاب فاروق هذه الأمة - رضي الله تعالى عنه - فرست قواعد الاسلام وعظمت بخلافته، وهو أوّل من تسمّى بأمير المؤمنين / ومتانته في الدّين أشهر من أن تذكر حتى أنه إذا سلك فجّا سلك الشّيطان خلافه (١٥٥)، وفتحت في خلافته الفتوح فأتمّ ما ابتدأه الصّديق من فتوح الشّام فعظم الفتح، ثم العراق، فأوقع بالفرس وقعة القادسيّة بالقرب من الكوفة، فانكسر بها عمود عز الأكاسرة، ثم توالت الفتوح كمصر واسكندرية وبرقة (١٥٦)، وطرابلس على ما يأتي - إن شاء الله - بيان ذلك. ومآثره وكراماته وزهده وحكمه ملأت الكتب محل استيفاء


(١٥٠) بعدها في الأصول: «ثم خطب الناس وعرض عليهم غزو الشام، فنفر الناس متوجهين إليها فوقعت بينهم وبين الرّوم وقعة تبوك»، أسقطناها من النص لتنافيها مع الحقيقة التاريخية، فغزوة تبوك وقعت في أيّام الرسول عليه الصّلاة والسّلام في سنة ٩ من الهجرة لا في ولاية أبي بكر. راجع على سبيل المثال الكامل ٢/ ٢٧٦ وحسن ابراهيم حسني: تاريخ الإسلام، القاهرة ١٩٥٣، ١/ ١٥٥.
(١٥١) ٦٣٤ - ٦٣٥ م.
(١٥٢) كذا في مروج الذهب مع الإشارة أنه توفي ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة / ٢٣ أوت ٦٣٤ م.
(١٥٣) بعد خلافة أبي بكر.
(١٥٤) إضافة للتدقيق.
(١٥٥) من حديث طويل رواه الشيخان وذكره الشيخ منصور علي ناصف في كتاب التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول ج ٣، ص: ٣١٢، وفيه قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلاّ سلك فجا غير فجك».
(١٥٦) في الأصول: «طبرقة» فمن المعروف أن في سنة ٢٢ هـ - ٦٤٢ م سار عمرو بن العاص إلى برقة وصالح أهلها على الجزية.