للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم تولّى بعده اليزيد بن عبد الملك، فكان مضيّعا للأمر (٢٥) لاشتغاله بلهوه فخلع (٢٦) فتولى (٢٧) بعده أخوه هشام بن عبد الملك فكان ملكا حازما صلبا، جمع الأموال وعمر الأرض واصطنع الرجال.

وتولّى (٢٨) الوليد بن يزيد بعد عمه، فكان صاحب شراب ولهو وبطالة، بلغ خبثه أنّه قرأ في المصحف الكريم {وَاِسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنِيدٍ} (٢٩) عند استفتاحه، فجعل المصحف غرضا لنشابه، وأقبل يرميه لما توعّده به وأنشد يقول:

[وافر]

تهددني بجبار (٣٠) عنيد ... فها أنا ذاك جبار عنيد

إذا ما جئت ربك يوم حشر ... فقل يا رب مزقني (٣١) الوليد

فسمّه (٣٢) يزيد بن الوليد بن عبد الملك، فبطش به امتغاصا للدين.

فتولّى بعده (٣٣)، فكان خيّرا، ذا عدل ونسك وورع، حزما ولكن كان جمّاعا بخيلا، فلقّب بالناقص لكونه نقّص الجند عطاءهم، ويقال الأشج والنّاقص أعدلا بني مروان، أي عادلاهما إذ لا عدل إلاّ فيهما، وكانت ولايته خمسة أشهر وليلتين.

وولي (٣٤) بعده أخوه ابراهيم بن الوليد، فكانت أيّامه / كثيرة الهرج، فلم تطل مدّته حتى خلع (٣٥).

فقام بعده (٣٦) مروان بن محمد بن الحكم، ويسمّى مروان الحمار (٣٧)، أقبل من الجزيرة ودخل الشام، فقتل ابراهيم بن محمّد بن علي بن عبد الله بن عباس بعد ما سجنه أربعة أشهر خوفا من قيام بني العباس بالأمر. فكان ما خافه. وكان مروان شهما عظيم


(٢٥) بعدها في ت: «ليس له بال عليه».
(٢٦) الخلع مخالف للرّواية التاريخية، يقول المسعودي ان هشام أخ اليزيد «بقي في جواره مخافة أهل البغي والسّعاية حتى مات يزيد» مروج الذهب ٣/ ٢٠٢.
(٢٧) تولى هشام بعد وفاة أخيه يزيد بن عبد الملك في ٢٥ شعبان سنة ١٠٥ هـ - ٢٨ جانفي ٧٢٤ م.
(٢٨) في ربيع الثاني ١٢٥ هـ - فيفري ٧٤٣ م.
(٢٩) سورة ابراهيم: ١٥.
(٣٠) في مروج الذهب: «أتوعد كل جبار».
(٣١) في مروج الذهب: «خرقني».
(٣٢) لم يقتل سمّا.
(٣٣) في جمادى الثانية ١٢٦ / مارس ٧٤٤ م.
(٣٤) ٧ ذو الحجة ١٢٦/ ٢٠ سبتمبر ٧٤٤.
(٣٥) في محرم ١٢٧ / أكتوبر ٧٤٤.
(٣٦) بويع بدمشق في صفر ١٢٧ / نوفمبر ٧٤٤.
(٣٧) لأنه كان لا يجف له لبد في محاربة الخارجين عليه. حسن ابراهيم حسن، تاريخ الإسلام ١/ ٣٦١.