للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحلق لحية قاضي القضاة بمصر أبي بكر محمد بن أبي الليث (١٠٣) ويطاف به الأسواق بمصر على حمار لأنه كان جهميا معتزليا، يقول بالجهة وخلق القرآن، ففعل به ذلك.

ولمّا كثرت المماليك الأتراك دخلوا في أمر الملك، واستولوا على المملكة وصار بأيديهم الحلّ والعقد والولاية والعزل، إلى أن حملهم الطغيان أن سطوا على الخليفة المتوكل لما أراد أن يصادر مملوك أبيه وصيفا التّركي لكثرة ماله وخزائنه [وأقطاعها الفتح بن خاقان] (١٠٤) فتعصّب ببغا (١٠٥) التركي وقد انحرف الأتراك عنه، فدخل باغر (١٠٦) عليه ومعه عشرة أتراك وهو في مجلس أنسه وعنده وزيره الفتح بن خاقان بعد أن مضى من الليل ثلاث ساعات فصاح الفتح، وقال: ويلكم هذا سيدكم وابن سيدكم وهرب من كان حوله من الغلمان والنّدماء على وجوههم، وبقي الفتح، وصار المتوكّل غائبا عن حسه من السّكر فضربه باغر (١٠٧) ضربة بالسّيف على عاتقه فقده إلى خاصرته فطرح الفتح نفسه عليه فضربهما باغر / ضربة ثانية فماتا جميعا (١٠٨) فلفّهما معا في بساط، ومضى هو ومن معه ولم ينتطح فيها عنزان، وكان قتله ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين (١٠٩) في القصر الجعفري الذي بناه المتوكّل، ولمّا قتلا دفنا فيه وكانت خلافته أربعة عشر عاما [وعشرة أشهر وثلاثة أيام] (١١٠) وعمره إحدى وأربعون سنة (١١١).

[المنتصر بالله]

وولّي بعده [بعهد منه] (١١٢) ولده أبو جعفر محمد المنتصر بالله، فلم يستقل بالملك لاستيلاء المماليك الأتراك على المملكة، ويقال إنه تواطأ مع الأتراك على قتل أبيه ليلي


(١٠٣) في الأصول: «محمد بن أبي بكر بن الليث».
(١٠٤) إضافة من ابن الأثير للإيضاح ٧/ ٩٥.
(١٠٥) في الأصول: «باغر» والمثبت من الكامل ٧/ ٩٧.
(١٠٦) أنظر الكامل في التاريخ لابن الأثير ٧/ ٩٨ - ٩٩.
(١٠٧) ورد في الكامل والطبري أن الذي ضربه بغلول، وباغر مشاركه.
(١٠٨) عن خبر مقتل المتوكّل، واشتراك باغر وبغا وغيرهما من الأتراك في قتله أنظر الطبري ٩/ ٢٢٢ - ٢٣٠، ومروج الذهب ٤/ ٣٣ - ٤٠.
(١٠٩) ٩ ديسمبر ٨٦١ م، وقيل لأربع خلون من شوال، الطبري ٩/ ٢٣٠. والكامل ٧/ ١٠٠ وفي مروج الذهب: «لثلاث خلون من شوال» ٤/ ٣.
(١١٠) المصدرين السابقين اعتمادا على أنه توفي لأربع خلون من شوال.
(١١١) في الطبري: «أربعون سنة» وفي ابن الأثير: «نحو أربعين سنة».
(١١٢) ساقطة من ت.