للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمحاصّة ويقول: اجعلني كأحدهم، فقال: لا أحكم لمدع بدون بينة عادلة، فأرسل وكيلا وبيّنة أرضاها فتكون كأحدهم، فأمر المعتضد شهودا يشهدون عند القاضي وكانوا من أكابر أمرائه فما حضر أحد منهم إلى القاضي / خوفا من ردّ شهادتهم، فلم يحكم القاضي للمعتضد فأعجب من ديانته وعدم ميله (١٥١) وما أحوج زماننا إلى قضاة مثل هذا خصوصا في أطراف البلاد، يقول الحقّ ويثبته ولا يميل لخواطر الخلق.

وتوفي المعتضد - رحمه الله تعالى - يوم الإثنين لثمان بقين من ربيع الآخر سنة تسع (١٥٢) وثمانين ومائتين (١٥٣)، فكان مدة ملكه تسع سنين وتسعة أشهر ونصفا (١٥٤).

[المكتفي بالله وظهور القرامطة]

ثم تولّى بعده ولده أبو محمد علي ولقّب المكتفي بالله وأخذت له البيعة قبل موت أبيه بثلاثة أيام، وكان المكتفي غائبا بالرّقة، فقام له بالبيعة الوزير القاسم بن عبيد الله (١٥٥)، وكتب إليه فوصل إلى بغداد من الرقّة لثمان خلون (١٥٦) من جمادى الأولى، وكان حسن السيرة ففرح الناس بخلافته ودعوا له.

ومن أعظم الحوادث في أيامه ظهور القرامطة الملحدين (١٥٧)، الكفرة المفسدين، فأول من خرج منهم يحيى [بن زكرويه] (١٥٨) بن مهرويه القرمطي (١٥٩) ومحل ظهورهم ودار ملكهم هجر، وهم طائفة يستحلون دم الحجّاج والمسلمين، يزعمون أن الإمام الحقّ بعد النبيء صلّى الله عليه وسلم محمد بن الحنفيّة بن علي بن أبي طالب (١٦٠) - رضي الله تعالى عنهما -


(١٥١) تاريخ الخلفاء ص: ٣٧١ - ٣٧٢.
(١٥٢) في الأصول: «ست» والمثبت من الكامل ٧/ ٥١٣ وغيره من المراجع.
(١٥٣) ٦ أفريل ٩٠٢ م.
(١٥٤) في مروج الذهب: «ويومين» ٤/ ١٤٣.
(١٥٥) في الأصول: «أبو الحسن عبد الله بن سليمان» والمثبت من الكامل ٧/ ٥١٣ ومروج الذهب ٤/ ١٨٧ والطبري ١٠/ ٨٨.
(١٥٦) في الأصول: «سابع جمادى الأولى»، والمثبت من الكامل والطبري، وفي مروج الذهب: «لسبع ليال خلون».
(١٥٧) ظهور القرامطة سبق خلافة المكتفي إذ كان ظهورهم في سنة ٢٧٨ في آخر أيام المعتمد أنظر الطبري ١٠/ ٢٣.
(١٥٨) إضافة من الطبري للدقة ١٠/ ٩٤ - ٩٥، وفي مروج الذهب: «ذكروية» ٤/ ١٩٠.
(١٥٩) عن بداية الحركة القرمطية أنظر الطبري ١٠/ ٢٣ - ٢٧.
(١٦٠) أنظر الطبري ١٠/ ٢٥.