للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طالب - رضي الله تعالى عنه - يقيم الحدود بين يدي عمر بن الخطاب، أو أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنهما - ويعينه على أموره، فلو لم يكن عنده امام هدى مستحقا للتقدمة ما فعل، فبلغ قوله إلى أبي العبّاس الشّيعي، فقال: كان يوسف الصّديق من أعوان العزيز في أموره فما كان فيه نقص ليوسف ولا زيادة في مقدار العزيز، وكان قتلهما في سنة تسع وتسعين ومائتين (٢٧) - رحمة الله عليهما - وسعى القاضي المروذي إلى المهدي بأبي جعفر محمد بن محمد بن خيرون المعافري الأندلسي القرطبي، فأمر المهدي عامله ابن أبي خنزير بقتله فعذّبه إلى أن مات.

«حكى الشيخ أبو الحسن القابسي - رحمه الله تعالى - قال: أخبرني من أثق به أنه كان جالسا عند ابن أبي خنزير اذ دخل عليه شيخ / ذو هيئة جميلة، وقد علاه اصفرار مع حسن سمت وخشوع، فلمّا رآه ابن خنزير بكى، فقال: ما الذي يبكيك؟ قال:

السّلطان - يعني عبيد الله - وجّه إلي يأمرني بدوس هذا الشيخ حتى يموت - يعني ابن خيرون -، ثم أمر به فأدخل إلى مجلس، وبطح على ظهره، وطلع السودان فوق سرير، فقفزوا عليه بأرجلهم حتى مات، وذلك من أجل جهاده على دين الله وبغضه لبني عبيد الله (٢٨).

قال أبو بكر المالكي (٢٩): ولمّا مات أخذوه وحملوه على بغل وألقوه في حفير، ونهب ابن أبي خنزير ماله، وأخذ مولدة كانت له، وجعلها مع خدمه (٣٠) «فلم يمر الا شهر حتى أخذ عبيد الله القاضي المروذي فسجنه وعذّبه حتى مات، وسبب أخذه انه لما طال على ابن أبي خنزير كثرة من يأتي به المروذي من العلماء والصلحاء ليقتلهم سعى به عند عبيد الله، ومضى به إلى المهديّة، فقبل عبيد الله قوله، ومكّنه منه فأخذه وألبسه ملبسا، ورماه في اصطبل الدّواب تمشي عليه فركضت في بطنه حتى قتلته، فكانت


(٢٧) ٩١١ - ٩١٢ م هذا التاريخ غير دقيق لأن أبا العباس قتل مع أخيه أبي عبد الله في جمادي ٢٩٨، وجميع النّقول تقول على أن لهما يدا في دم هذين الشيخين فلا بدّ أن يكون استشهادهما قبل قتل الآخرين والراجح أنه سنة ٢٩٧ لأنهما من أول ضحايا ذلك الإنقلاب، تعليق محققي معالم الإيمان د. محمد أحمدي أبو النور ومحمد ماضور ٢/ ٢٦٣. وترجمة ابن البرذون وابن هذيل في معالم الإيمان الذي اقتصر عليه المؤلف ٢/ ٢٦١ - ٢٦٩.
(٢٨) كذا في ت وط وفي ش: «وبغضه لعبيد الله» وفي معالم الايمان: «وبغضه لبني عبيد» ٢/ ٢٩٠.
(٢٩) نقل من معالم الايمان ٢/ ٢٩٠.
(٣٠) معالم الايمان ٢/ ٢٩٠ وفي آخر الترجمة من ص: ٢٩١ أخبار القاضي محمد بن عمر المروذي.