للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وامتنع ليلته تلك وأصبح مرتحلا فأتبعه مستوية (*) بجنوده، فالتقوا ثانية فانهزم النكارة / وقتل بشر (١٣٥) كثير منهم وجرح مستوية (١٣٣)».

وبلغ ذلك أهل تونس فأخرجوا من كان عندهم من النكارّة، وقتلوا كثيرا منهم، ولم تزل الحرب بين عساكر القائم وأبي يزيد سجالا مرة لهذا وأخرى للاخر (١٣٦)، وآخر الأمر استعلى أبو يزيد على القائم واحتوى على كثير من البلاد، واجتمع عليه أكثر العباد، وقام معه جماعة القيروان فزحف بجنوده نحو المهديّة سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة (١٣٧) فعلم (١٣٨) القائم بذلك فأمر بحفر خندق حول المهديّة وزويلة، ووصل أبو يزيد في جيوشه فأحاط بالمهديّة وعسكر بخربة جميل (١٣٩) على أميال قريبة من المهديّة، فكانت خيله تصل إلى أرباضها، فتقتل وتنهب، فلجأ جميع الناس إلى المهديّة، وأخلوا أرباضها. قال الشّيخ أبو الحسن القابسي: «وأبصر القائم ذات يوم غرة من أبي يزيد لتفرق أكثر جيشه للنهب فأخرج طائفة من جيشه الكتاميين وغيرهم فقصدوا أبا يزيد، وسبق الخبر إلى أبي يزيد بذلك، فوافق ذلك وصول ابنه الفضل بجمع عظيم من ضريسة، فأمرهم بلقائهم وأن يكفّ عن قتالهم ما كفوا عنه، فان أبوا الا قتاله وجه إليه من يعلمه بذلك، فالتقوا بسوق الأحد وهو موضع بين سور المهديّة ومعسكر أبي يزيد وسطا، فأبى الكتاميون الا قتال فضل، فوجّه إلى أبيه يعلمه بذلك، فركب أبو يزيد من حينه يجمع من معه فوافاهم وهم يقتتلون وقد هزم ابنه فضل وقتل من أصحابه جماعة، فلمّا / رآه الكتاميون انهزموا من غير قتال وبحأوا إلى المهديّة فدخلوا إليها.

ووصل أبو يزيد في أثرهم إلى أن أشرف على المهدية، فأحب نقل مآربه (١٤٠) إلى موضعه ذلك فأشار عليه أصحابه بالرجوع إلى معسكره وأن تكون اقامته به إلى أن


(*) في الأصول: «مستاوية» والمثبت من الحلل ٢/ ٢٧ والرحلة ص: ٢٢.
(١٣٥) في الأصول: «بشرى» وفي الحلل: «خلق»، والمثبت من الرحلة ص: ٢٣.
(١٣٦) انظر كتاب العبر ٤/ ٨٩.
(١٣٧) ٩٤٤ - ٩٤٥ م.
(١٣٨) النقل الموالي من رحلة التجاني ص: ٣٢٥.
(١٣٩) كذا في رحلة التجاني ص: ٣٢٥، وهي على خمسة عشر ميلا من المهدية، وفي تاريخ الخلفاء من كتاب عيون الأخبار: «خربة جميلة» ص: ٣٠٤، وهي غير مذكورة في المصادر الأخرى وقال محمد اليعلاوي: «ويبدو أن التجاني والداعي ادريس يستقيان من منبع واحد، وربما استخدم ابن الأثير أيضا هذا المصدر المفقود» أنظر هامش ١٣٦ ص: ٣٠٤ من تاريخ الخلفاء.
(١٤٠) في الرحلة: «فازاته».