للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميعهم على ما اختاره لمدة خمس سنين، ثم عاد إلى مراكش في أواخر سنة ثلاث وتسعين، ولما وصل إليها أمر باتخاذ الأحواض والرّوايا (١٨٢) وآلة السفر للتوجه إلى بلاد افريقية، فاجتمع إليه أشياخ (١٨٣) الموحدين وقالوا له: يا سيدنا قد طالت غيبتنا بالأندلس، فمنا من له خمس سنين ومنا من له ثلاث سنين وغير ذلك، فتنعم علينا بالمهلة هذا العام وتكون الحركة سنة خمس وتسعين، فأجابهم إلى سؤالهم وانتقل إلى مدينة سلا (١٨٤) وشاهد ما فيها من المنتزهات المعدّة له، وكان قد بنى بالقرب منها مدينة عظيمة سمّاها «رباط الفتح» على هيئة الاسكندرية في اتّساع الشّوارع وحسن التّقسيم واتّساع البناء وتحسينه وتحصينه، وبناها على البحر المحيط الذي هناك، وهي على نهر بسلا (١٨٤) مقابلة لها من البرّ (١٨٥)، وطاف تلك البلاد وتنزّه فيها ثم رجع إلى مرّاكش» (١٨٦).

ابن خلكان (١٨٧) «ثم بعد هذا اختلفت الروايات في أمره فمن النّاس من يقول إنه ترك ما كان فيه وتجرد وساح في البراري وانتهى إلى بلاد المشرق وهو مستخف لا يعرف، ومات خاملا، ومنهم من يقول أنه رجع إلى مرّاكش كما ذكرنا، وتوفي في غرة جمادى الأولى وقيل في شهر ربيع الآخر سنة / خمس وتسعين وخمسمائة بمرّاكش، ولم ينقل شيء من أحواله بعد ذلك إلى حين وفاته، وكانت ولادته يوم الأربعاء رابع عشر ربيع الأول سنة أربع وخمسين وخمسمائة» (١٨٨).

وقال ابن الخطيب (١٨٩) «لما تم له ما أراده من تمهيد بلاد افريقية صرف عنانه إلى الجهاد بالأندلس فأجاز البحر، واحتل اشبيلية (١٩٠)، ولحقت به ارسال طاغية الروم،


(١٨٢) في ط: «الراويات»، وفي ش: «الروايات».
(١٨٣) في الوفيات: «مشايخ».
(١٨٤) في الأصول: «سلى».
(١٨٥) في الوفيات: «البر القبلي» ٧/ ٩.
(١٨٦) الوفيات ٧/ ٨ - ٩.
(١٨٧) ما سيذكره ابن خلكان في خصوص موت المنصور لا أساس له من الصحة، بل توفي بقصره في مراكش في ٢٢ ربيع الثاني سنة ٥٩٥. انظر مثلا تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين تأليف يوسف أشباح ترجمة محمد عبد الله عنان، القاهرة ١٣٦٠/ ١٩٤١، ٢/ ٩٠، ويقابله بالمسيحية ٢٢ مارس ١١٩٩ م. وقال الزركشي: «اختلف في موته. . . ثم توفي في ليلة الجمعة الثانية والعشرين من ربيع الأول سنة خمس وتسعين».
(١٨٨) الوفيات ٧/ ٩ - ١٠.
(١٨٩) في رقم الحلل. أنظر أيضا الاستقصا ٢/ ١٦٨.
(١٩٠) في الأصول: «باشبيلية».