للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن محمد المستنصر بن الظاهر بن الحاكم بن العزيز بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي، وباسمه كان الحسن يخطب في بلاده، فابتاع من تونس مركبا لسفره فعلم جرجير (٥٥) بذلك فأعد له عشرين قطعة ترقب إقلاعه فتتبّعه، وعلم بذلك الحسن فعدل عن السّفر لمصر، ونظر في التّوجه للخليفة عبد المؤمن بن علي بالمغرب، وأنفذ / كبار أولاده يحيى وتميما وعليا إلى ابن عمه يحيى بن العزيز صاحب بجاية وهو من بني حمّاد وهما أولاد عمّ، وكتب إليه يستأذنه في الوصول إلى حضرته وأن يكون توجهه إلى عبد المؤمن بعد الاجتماع به فتلقى بنيه ميمون بن حمدون وزير يحيى أحسن تلق وكتب على لسان يحيى إلى الحسن بالتوجع على ما جرى عليه والتحريض على الوصول إليه والعدول على ما خطر بخاطره من قصد غيره، فأعلم الحسن محرز بن زياد بما كتب إليه ابن عمه، فأشار عليه بالتنكب عنه، وأن يتوجه حيث شاء فهو خير له منه، فلم يطعه الحسن، وتوجه إلى بجاية، فلما قرب منها ندب يحيى وزيره إلى لقاء الحسن فامتنع من ذلك، فأمر أخاه قائد بن العزيز بالخروج إلى لقائه مع مشيخة البلد وأن يعدلوا به عن بجاية إلى الجزائر فيكون مقامه بها، ففعل أخوه ذلك وأنزله هو وأولاده بمدينة الجزائر في أمكنة لا تليق بهم، وأجرى عليهم جرايات لا تكفيهم، وأمر ميمونا بمراعاة الحسن ومنعه من السّفر والكتب إلى الخليفة عبد المؤمن لما توقعه من استعانة عبد المؤمن به في أخذ بجاية، فبولغ في التّشديد عليه في ذلك، وأقام ساكنا بها إلى أن نزل عبد المؤمن المغرب الأوسط وقد تغلّب على جميع بلاد المغرب الأقصى وجميع جزيرة الأندلس وذلك عام سبعة وأربعين وخمسمائة (٥٦) فتغلّب على مليانة والجزائر، فاجتمع الحسن به هنالك، وقد سار إليه وهو / بمدينة متّيجة فأقبل عبد المؤمن عليه وقرّبه (٥٧) إليه واستصحبه معه وجعل الحسن يغريه بأخذ بجاية حسدا لابن عمّه ورغبة في خروج الملك من يده ليتساويا (٥٨) في ذلك، فنزل عبد المؤمن إلى بجاية والحسن معه فاستولى عليها وعلى جميع أعمالها، وذلك بعد هزيمته لعساكر صنهاجة بجبل زيري وأعان أيضا يحيى على نفسه بانهماكه في لذّاته وإهماله تدبير دولته وتفويض الأمر لغيره.


(٥٥) كذا في رحلة التجاني.
(٥٦) ١١٥٢ - ١١٥٣ م.
(٥٧) أنظر ابن الأثير، الكامل ١١/ ١٥٨ - ١٥٩ في حوادث سنة ٥٤٧.
(٥٨) في الأصول وفي رحلة التجاني: «ليتساووا» وقد علق محقق الرحلة من جهته أن الصواب «ليتساويا».