للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللعين رسولا يتهدد الشّيخ عمر ويأمره بترك ما ارتكبه، فلم يمكنه الشّيخ عمر من دخول البلد يومه ذلك، فلمّا كان الغد خرج أهل البلد جميعهم ومعهم جنازة والرسول يشاهدهم فدفنوها» (٩٤) «قال الرسول (٩٥): وصلت صفاقس فلم أمكن من النّزول إلى البرّ، ولمّا كان من الغد سمعت في البلد ضجّة، ثم فتح باب البحر، وخرج النّاس يكبّرون ويهلّلون ومعهم نعش قد رفعوه على رؤوسهم فحطوه، ثم تقدّم عمر فصلّى عليه ودفنه وعزاه النّاس وانفصلوا، قال: فاستدعيت الجواب فقيل لي: إن الشّيخ مشغول بالعزاء في والده الذي بصقليّة والنعش الذي رأيت نعشه، وقد عزم على موته والسلو عنه، وليس له / جواب الاّ ما رأيت، فلمّا بلغ ذلك طاغية صقليّة أمر بالشيخ أبي الحسن علي فسحب إلى المشنقة بوادي عبّاس فشنق وهو يتلو كتاب الله إلى أن فاضت نفسه رحمه الله» (ورحمنا به ونفعنا به وبأمثاله) (٩٦).

قال التجاني (٩٧): وكان انتقاض صفاقس على النّصارى سببا في انتقاض سائر بلاد السواحل وزوالها من أيديهم، وأقام عمر يدبّر أمر البلد إلى أن قدم عبد المؤمن.

«وأما أهل زويلة فانهم كثر جمعهم بالعرب وأهل صفاقس وغيرهم، فحصروا المهديّة وضيّقوا عليها، وكانت الأقوات بالمهديّة قليلة، فسيّر إليهم غليالم (٩٨) عشرين شينيا فيها الرّجال والطعام والسلاح، فدخلوا إلى البلد، وأرسلوا إلى العرب مالا لينهزموا ثم خرجوا من الغد فاقتتلوا هم وأهل زويلة فانهزم العرب، وبقي أهل زويلة وصفاقس يقاتلون الافرنج بظاهر البلد، فأحاط بهم الافرنج (٩٩) فركب أهل صفاقس مراكبهم في البحر لما تكاثر عليهم العدو (١٠٠)، وذهب أهل زويلة لبلدهم فرأوا أبوابها مغلقة، فلحقهم العدو فقاتلوا تحت السور وصبروا حتى قتل أكثرهم ولم ينج منهم الاّ القليل فتفرقوا، ومضى بعضهم لعبد المؤمن، ومن ثم فتحت أبواب زويلة وخرج من كان بداخلها من غير المقاتلة فمن له قدرة على الفرار فرّ بنفسه ومن عجز أسر ونهبت الأموال واستقرّ الافرنج بالمهديّة». (١٠١)


(٩٤) الكامل ١١/ ٢٠٤.
(٩٥) رجع إلى النقل من رحلة التجاني ص: ٧٥.
(٩٦) زيادة من المؤلف.
(٩٧) رحلة التجاني ٧٥ - ٧٦.
(٩٨) في ش: «غليالم اللعين».
(٩٩) بعدها أسقط المؤلف من نص ابن الأثير «فانهزم أهل صفاقس».
(١٠٠) في الكامل: «وركبوا في البحر فنجوا».
(١٠١) الكامل ١١/ ٢٠٥.