للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخمس وراء إمام واحد بتكبيرة واحدة، وكانت مقدّمة هذا العسكر اثني عشر ألفا قد كلّفوا بحفر الآبار واستخراج المياه، فكانوا يمتدون قبله بيومين، فلا يأتي الاّ وقد هيّئت الغلاّت وملئت الأحواض بالمياه، ولولا هذا التّدبير لم يقدر على قطع هذه المسافة البعيدة بهذه الجيوش العظيمة، وكان كلّما مرّ بأرض فيها عرب بادروا إليه فاستصحب أعيانهم معه، وقد كانت وقعة سطيف أذلّتهم، وكان أسطوله في البحر سبعين مركبا قوّادها محمد ابن عبد العزيز بن ميمون من البيت المشهور (١١١) في قيادة البحر وابن الخرّاط (١١٢) وأبو الحسن الشاطبي، وغير هؤلاء ممّن هو مثلهم في المعرفة والشهرة.

ولمّا (١١٣) وصل إلى باجة أقام بها ووجّه إلى أهل تونس بالتأمين التام والعفو، فما ازدادوا الاّ عصيانا، وقد كانوا قاتلوا ولده عبد الله قبل ذلك ومزقوا جيشه وفعلوا به الأفاعيل لمّا وصل إلى محاصرتهم سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة (١١٤) وانفصل عنهم أسوأ انفصال، فارتحل عبد المؤمن من باجة ونزل على طبريّة (١١٥) وأعاد إليهم التّرغيب في الطّاعة والتّرهيب من المخالفة فلم يقبلوا، فارتحل إلى تونس، وكان نزوله عليها يوم السبت العاشر من جمادى الأولى، وقيل في الرّابع والعشرين من جمادى الأخيرة من السّنة المذكورة، واتصلت الأخبية من الحنايا / إلى حلق الوادي فعاين أهل تونس أمرا عظيما، وأقام العسكر ثلاثة أيام لا يقاتلون، فنزل إلى عبد المؤمن أشياخ [لطلب] (١١٦) السّلم من أهل تونس منهم بنو عبد السّيد: عمر ومعاوية وعبد السّيد، ومنهم أبناء منصور اسماعيل وابن عمّه عتيق وغيرهم تمام الاثني عشر، وقيل سبعة عشر، فوصلوا إلى عبد المؤمن وطلبوا العفو فاستعفوا به بعد مكابدة شديدة، فأمّنهم في أنفسهم وأهاليهم وأموالهم لمبادرتهم إلى الطّاعة وأما من عداهم من أهل البلد فيؤمنهم في أنفسهم وأهاليهم ويقاسمهم في أموالهم وأملاكهم نصفين وأن يخرج صاحب البلد وهو أحمد بن خراسان هو وأهله إلى بجاية، فاستقر ذلك (١١٧) لأهل تونس، وأما غير أهل تونس من قراها وسائر بلادهم


(١١١) في الأصول: «مشهورة».
(١١٢) في الأصول: «ابني» والمثبت من رحلة التجاني.
(١١٣) رحلة التجاني ص: ٣٤٥.
(١١٤) ١١٥٧ م.
(١١٥) في الأصول: «طبرقة» والمثبت من رحلة التجاني ص: ٣٤٥.
(١١٦) في مكانها في الأصول: «إلى».
(١١٧) في الرحلة: «ذلك».