للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أبو يعقوب يوسف]

فتولى بعده ولده أبو يعقوب يوسف فكان ملكا جليلا، فبدأ أمره أولا بالجواز للأندلس، فجاهد أعداء الدّين، وأفنى جموعهم، وثلّ عروشهم وبادر سلطانها ابن نصر للقائه فجدّد معه الودّ (٢١) ثم رجع إلى محاصرة تلمسان وصيّرها دار ملكه (٢٢) وأناخ عليها بكلكله وابتنى بها القصور والرّباع والمساجد (٢٣) ولازم المدينة بالحصار سبع سنين حتى ذهبت الأوماق وعجزت الحيل، ونفذت الأقوات، فبينما السّلطان مبتذل بين نسائه اذ دخل عليه عبد من أخابث الخصيان القصر وبيده مدية فضربه ضربة مزّقت معدته، وولى هاربا، فكاد يفلت ويدخل البلد المحصور لولا أنه عوجل، وعاش السّلطان بقية يومه ثم مات (٢٤).

[أبو ثابت عامر]

فتولى بعده حفيده ولد ابنه أبو ثابت عامر ابن عبد الله بن يوسف بعد أن فتك بعمّه أبي يحيى، وشرع في الارتحال من تلمسان إلى مدينة فاس، وبادر إلى معاضدة المحصور موسى بن زيّان بتلمسان والافراج عنه، فأتاهم (٢٥) الفرج من حيث لم يحتسبوا وكتبوا على سكتهم بعدها: ما أقرب فرج الله.

وكان أبو ثابت هذا جريئا سفّاكا للدماء (٢٦)، فعاجله الحمام على عادة الله في (٢٧) كل من يعتدي في الدّماء فقصرت مدته (٢٨). /


(٢١) ثم داخله شانجة زعيم النّصارى وخوفه من السّلطان يوسف واتّفقا على أن يحتل شانجة طريف وأعانه ابن الأحمر بالمدد والرجال والسلاح على أن تكون طريف له بعد سقوطها ولم يوف شانجة بهذا الشرط، انظر الاستقصا ٣/ ٧١.
(٢٢) لم يدخل أبو يوسف تلمسان بل «قتل وهو محاصر لها» كما ذكر المؤلف فيما بعد وكما في مختلف المراجع التاريخية.
(٢٣) في مدينة سمّاها المنصورة بها بنو يغمراسن من بني عبد الواد لمّا ارتحل السّلطان أبو ثابت المريني إلى فاس، وكان التخريب سنة ٧٠٧ السّنة التي استقرّ فيها في الملك.
(٢٤) في منتصف سنة سبع وسبعمائة ١٣٠٧ م، وعن سبب قتله - ويرجع إلى قضية نسائية -، انظر مثلا الحلل السندسية ٢/ ١٣٧.
(٢٥) أي أهل تلمسان.
(٢٦) أمر بقتل الخادم الذي كان قتل عمّه يوسف، ثم أمر بقتل الخدام عن آخرهم وألقاهم في النيران، ولم يترك أبو ثابت في مملكته خادما خصيا حتى أباده. . . ثم وثب على عمّه يحيى فقتله في ثاني يوم استقراره في الملك. الحلل السندسية ٢/ ١٣٧ - ١٣٨.
(٢٧) في ش: «على».
(٢٨) توفي في نفس السنة أي ٧٠٧ هـ - ١٣٠٧ - ١٣٠٨ م.