للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاثة وعشرين وستمائة (٢٧)، فلمّا استقر بتونس عقد لأخيه المولى أبي زكرياء يحيى المذكور على مدينة قابس وأضاف اليه الحامّة وسائر تلك البلاد، وعقد لأخيه أبي ابراهيم على توزر ونفطة وسائر بلاد قسطيلية (٢٨)، فلم يزل المولى أبو زكرياء وليا على قابس وأعمالها، الى أن وقعت بينه / وبين أخيه أبي محمد عبّو وحشة عزله بسببها عن قابس وأعمالها، وأمر أخاه أبا ابراهيم صاحب قسطيلية (٢٨) بالسّير إلى قابس والقبض عليه، فسار إليه فبلغه في أثناء طريقه أن المولى أبا زكرياء يحيى كتب بيعته للمأمون من بني عبد المؤمن، فنكب أبو ابراهيم عن قابس الى المهدية، وخاطب أخاه أبا محمد عبّو بذلك، فلما قتل الموحدون العادل بمراكش، وبويع بعده للمعتصم، قام أبو العلا ادريس الملقب بالمأمون وهو أخو العادل، وكان باشبيلية فدعا لنفسه باشبيلية - حسبما مرّ - فخلع الموحدون المعتصم، وبايعوا المأمون بفاس وتلمسان، وسبتة، فبعث (٢٩) المأمون لصاحب افريقية أبي محمد عبّو ليأخذ له البيعة، فتوقف وظن أنها مكيدة عليه وقال للرسول: نحن مقيمون على بيعة العادل، فاذا تحققنا موته بايعنا أخاه، فرجع الرّسول بلا بيعة ولا جواب ولا كتاب فلما بلغ الرسول للمأمون بلا كتاب ولا جواب كتب إلى الأمير أبي زكرياء يحيى ابن الشيخ أبي محمد عبد الواحد بن أبي حفص، وكان اذ ذاك واليا على قابس بالولاية على افريقية، فكان أبو زكرياء يحيى ثالث الحفصيين وأمر المأمون أبا زكرياء بخلع عبّو وعزله لأجل امتناعه من بيعته، فبادر أبو زكرياء يحيى بالبيعة للمأمون، فاتصل ذلك بأخيه أبي محمد عبّو، فخرج من تونس متوجّها اليه فلما وصل القيروان جمع من معه من / أشياخ الموحدين وعرّفهم بما عزم عليه من قتال أخيه فأظهروا الكراهية لذلك لمحبّتهم في المولى أبي زكرياء، واعتذروا له فلم يقبل منهم، وقاموا قيام رجل واحد عليه ورجموه بالحجارة، فقام أولاده دونه يقونه بأنفسهم الى أن دخل فسطاطه، فوجّه النّاس أشياخا منهم إلى المولى أبي زكرياء يحيى يعرّفونه بذلك، ويطلبون منه المبادرة بالوصول، فبادر المولى أبو زكرياء الخروج صحبة أولئك الأشياخ، وتسلّم العسكر من أخيه [وسار] (٣٠) الى تونس وحمل أخاه محتاطا عليه فأدخله ليلا الى القصر المعروف بقصر ابن فاخر فاعتقله به.


(٢٧) ٩ نوفمبر ١٢٢٦ م.
(٢٨) في الأصول: «قسنطينة» والمثبت من تاريخ الدولتين ص: ٢١، وقسطيلية هي الجريد.
(٢٩) هذه الأحداث اي اعتقال أبي زكرياء أخاه نقلها المؤلف من تاريخ الدولتين ص: ٢٢ - ٢٣.
(٣٠) إكمال من تاريخ الدولتين.