للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنوة في شهر ربيع الأول من سنة أربعين (٥٣) من باب كشّوط، ولما رأى صاحبها يغمراسن بن زيان / بن عبد الوادي أنه قد أحيط بالبلد قصد باب القصبة لابسا [سلاحه] (٥٤) في خاصّته فاعترضته عساكر الموحدين فقصد نحوهم وجدل بعض أبطالهم، فأفرجوا له ولحق بالصحراء، وافتتحت جيوش الموحدين تلمسان من كل حدب، وعاثوا فيها، ثم لما تجلّى غشاء تلك الهيعة أعمل المولى أبو زكرياء نظره فيمن يقلّده أمر تلمسان والمغرب الأوسط، وكان يغمراسن قد أرسل للمولى أبي زكرياء راغبا في القيام بدعوته بتلمسان فخاطبه المولى أبو زكرياء بالإسعاف واتّصال اليد على صاحب مراكش، ووفدت أم يغمراسن واسمها «سوط النساء» بالاشتراط والقبول، فأكرم موصلها وأسنى جائزتها، وأحسن وفادتها، ثم ارتحل المولى أبو زكرياء يحيى إلى تونس بعد ردّ يغمراسن إلى بلاده تلمسان، فكانت غيبته تسعة أشهر.

وفي سنة ست وأربعين (٥٥) توفي ببجاية الأمير أبو يحيى زكرياء (٥٦) صاحب بجاية، فكتب السلطان العهد لولده المستنصر (٥٧)، عوضا عن أخيه.

وفي ليلة الجمعة الثامنة والعشرين لجمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وستمائة (٥٨) توفي المولى أبو زكرياء يحيى صاحب تونس في محلته بظاهر بونة، ودفن غدا بجامعها إلى جانب الشيخ الصّالح أبي مروان، ثم نقل بعد ذلك إلى قسنطينة ودفن بها، وكانت ولادته بمراكش سنة تسع وتسعين وخمسمائة (٥٩)، فكان عمره تسعا وأربعين سنة، وخلافته بتونس عشرون سنة [ونصف السنة] (٦٠).


(٥٣) سبتمبر ١٢٤٢ م.
(٥٤) الإكمال من تاريخ الدولتين ص: ٢٩.
(٥٥) ١٢٤٨ - ١٢٤٩ م.
(٥٦) ابن أبي زكرياء يحيى «صاحب تونس» تاريخ الدولتين ص: ٣٠.
(٥٧) في الأصول: «المنتصر» والتصويب من تاريخ الدولتين.
(٥٨) ٧ أكتوبر ١٢٤٩ م.
(٥٩) ١٢٠٢ - ١٢٠٣، وقد أقرّه برونشفيك (R. Brunschvig) في أطروحته «بلاد البربر الشرقية تحت حكم الحفصيين» (La Berberie Orientale sous les Hafsides) ، باريس ١٩٤٠، ١/ ٢٠: أما في تاريخ الدولتين وقد خالفه المؤلف مع أنه ينقل عنه فإنه ولد سنة «سبع وتسعين وخمسمائة» فإن اعتبرنا هذا التاريخ وكانت وفاته وله من العمر تسع وأربعون سنة فإن ميلاده يكون سنة ٥٩٧ لا سنة ٥٩٩ كما ذكر مقديش.
(٦٠) اكمال من تاريخ الدولتين، وعن حركة أبي زكرياء إلى تلمسان ووفاته ببونة نقله المؤلف من تاريخ الدولتين ص: ٢٩ - ٣٢.