للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكبيرة فقال السّلطان على جهة الفخر بدولته: قد اصبح ملكنا عظيما! (٧٦) فأجابه ابن عصفور بقوله: بنا وبأمثالنا فوجدها المستنصر (٧٧) في نفسه، فلما قام الشيخ ليخرج أمر المستنصر (٧٧) بعض رجاله أن يلقيه بثيابه في الجابية الكبيرة، وكان يوما شديد البرد، وقال له [لا] (٧٨) تتركه يصعد مظهرا اللعب معه، فألقاه من أمر بذلك، فكلما أراد الصعود ردّ، وبعد صعوده أصابه برد وحمّى بقي ثلاثة أيام وقضى نحبه، فدفن بمقبرة ابن مهنا قرب جبّانة الشيخ ابن نفيس شرقي باب ينتجمي أحد ابواب القصبة.

وفي يوم الأحد رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وستمائة (٧٩) ابتدأ السلطان المستنصر (٧٧) مرض موته وكان مسافرا فأصابه ذلك بعين أغلان فسيق إلى تونس في محفّة على أعناق الرّجال في كسوف القمر وأدخل القصبة، وكثر إرجاف الناس بموته، فجعل يوم عيد الأضحى في محفة من خشب، وأصعد إلى قبّته ورآه الناس وتجلّد لإظهار حركة علم منها أن فيه بقية رمق، ثم عاد إلى منزله وتوفي من ليلته بعد صلاة العشاء الآخرة ليلة الأحد الحادي عشر لذي الحجة سنة خمس وسبعين وستمائة (٨٠)، فكانت خلافته ثمانية وعشرين عاما وخمسة أشهر واثني عشر يوما / ويقال إن أصل مرضه أنه كان في صيادة فقام بين يديه وحش فطردته (٨١) الجوارح، فدخل مغارة ودخل وراءه الرجال فوجدوا بها رجلا قائما يصلّي، فسلم من صلاته وقال لهم: هذا دخيل الفقراء اتركوه، فذهبوا إلى السّلطان فعرفوه فقال لهم: ايتوني بالصّيد، فرجعوا إلى المرابط فمنعهم منه، فرجعوا إلى السّلطان فقال لهم: إن منعكم أعطوه الرّماح، فرجعوا إلى المرابط وعرفوه، فقال لهم: وأنا أقرع السّلطان بالرّماح، ثم طلبوه فلم يجدوه، وسقط السّلطان من حينه مغشيا عليه ثم أفاق بعد زمان، ولم يزل ذلك المرض يتعهده إلى أن مات (٨٢).


(٧٦) «وهو مصراع بيت كأنه يريد اجازته» اتحاف أهل الزمان ٥/ ١٦٢.
(٧٧) في الأصول: «المنتصر».
(٧٨) اكمال من تاريخ الدولتين يقتضيه السياق.
(٧٩) ٢٣ نوفمبر ١٢٧٦ م.
(٨٠) ١٥ ماي ١٢٧٧ م.
(٨١) في الأصول: «طرده».
(٨٢) نقل المؤلف أخبار السّلطان المستنصر مع حذف قليل من تاريخ الدولتين ص: ٣٣ - ٤٠.