للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أبو اسحاق ابراهيم ابن أبي زكرياء]

ولما خلع الواثق نفسه تولى بعده عمه المولى أبو اسحاق ابراهيم ابن المولى الأمير أبي زكرياء ابن الشيخ أبي محمد عبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص، ولد سنة احدى وثلاثين وستمائة (٩١) وصلّى بالمصلى هناك صلاة العيد، ودخل بجاية من يومه، ودخل تونس يوم الثلاثاء الخامس لربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وستمائة (٩٢)، وجدّدت له البيعة يوم الأربعاء، وانتقل الواثق المخلوع من القصبة إلى دار الغوري بالكتبيين وسكن بها أياما، ثم إن السّلطان سمع به أنه بعث إلى قائد النّصارى وتكلّم معه أن يثور على عمه بليل، فرفع (٩٣) القصبة / هو وبنوه وكانوا ثلاثة: الفضل والطّاهر والطّيب، فثقفوا بها وذبحوا جميعا في صفر سنة تسع وسبعين وستمائة (٩٤).

وفي ثالث يوم من دخول السّلطان أبي اسحاق لتونس أخذ ابن الحببّر (٩٥) رئيس دولة الواثق وقتله تحت العذاب، وكان السّلطان أبو اسحاق فيه غلظة وشدة (٩٦)، ولا ينظر في عواقب الأمور، فكان ولده الأمير أبو زكرياء يردّ عليه أكثر أوامره بالتّلطّف، واستولت العرب في أيامه على القرى، وهو أول من كتب البلاد الغربية بالظهارة للعرب.

الدّعي ابن أبي عمارة:

وفي الرابع من محرم مفتتح عام واحد وثمانين وستمائة (٩٧) ظهر عند دبّاب رجل ادّعى أنه الفضل بن يحيى الواثق، وادّعى أنه انفلت من السّجن، وسبب وصوله لهذه الدّعوى أن الفضل كان له فتى خصي يربيه، فلما قتل الفضل فرّ الخصي للمغرب، فلقي فتى خياطا من أهل تونس يعرف بابن [أبي] (٩٨) عمارة أشدّ النّاس شبها بالفضل بن


(٩١) ١٢٣٣ - ١٢٣٤ م.
(٩٢) ١٥ أوت ١٢٧٩ م.
(٩٣) واعتقله بالقصبة.
(٩٤) جوان ١٢٨٠ م.
(٩٥) في الأصول: «الحمير».
(٩٦) في تاريخ الدولتين: «شجاعة».
(٩٧) ١٤ أفريل ١٢٨٢ م.
(٩٨) اكمال من تاريخ الدولتين وتاريخ ابن خلدون.