للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاضي فأوصوه فنسي وأخبره، فازداد مرضه، وتوفي يوم الأحد رابع عشر جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وستمائة (١٣٤).

ونقل عن الشّيخ أبي محمد عبد الواحد الغرياني أنه أخبره من يثق به أن عادة الموحدين (١٣٥) قديما بتونس أنهم لا يولّون القضاء أكثر من عامين عملا بما أوصى به عمر ابن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - حين كتب عهده أنه لا يلي عامل أكثر من عامين وأيضا فإنهم يرون أن القاضي اذا طالت مدة قضائه اتخذ الأصحاب والإخوان، واذا تيقّن العزل فلا يغتر، وأيضا فإن الحال اذا كانت هكذا ظهرت مخايل المعرفة بين الأقران، وكثر فيهم القضاة بتدربهم على الوقائع، فيبقى الحال معروفا محفوظا، بخلاف ما اذا استبد الواحد بالعمل لم يقع تناصف ولم يحصل لمن بعده النفوذ لا ياسهم من الولاية إلاّ بعد مشقة.

وفي ثاني صفر من سنة سبعمائة (١٣٦) توفي الشّيخ الفقيه النّحوي أبو زكرياء اليفزني (١٣٧) كان تلميذ ابن عصفور وخليفته في فنّه.

وفي شهر جمادى الأولى من سنة ست وسبعمائة (١٣٨) سافر شيخ الموحدين أبو يحيى / زكرياء بن أحمد اللحياني بالعساكر إلى جربة برسم خلاصها من أيدي النّصارى، فقاتل القشتيل (١٣٩) شهرين (١٤٠)، ولما عجز عنه رحل إلى قابس (١٤١) وانتهى إلى توزر، وأعانه على الخدمة أحمد بن محمد بن يملول مخدوم التجاني صاحب الرّحلة،


(١٣٤) ٦ فيفري ١٣٠٠ م.
(١٣٥) هم الحفصيون لأنهم فرع من الدولة الموحدية.
(١٣٦) ١٧ أكتوبر ١٣٠٠ م.
(١٣٧) في الأصول: «اليفري» والتّصويب من تاريخ الدولتين ص: ٥٦.
(١٣٨) نوفمبر - ديسمبر ١٣٠٦ م.
(١٣٩) هو حصن حربي بناه الأميرال الأرقوني (Aragonais) روجي دي لوريا (Roger de Lauria) في جزيرة جربة اثر احتلاله لها في ما بين سبتمبر واكتوبر من سنة ٦٨٣/ ١٢٨٤ م. عن هذه الأحداث أنظر بلاد البربر تحت إمارة الحفصيين (La Berberie) ، المصدر السابق ١/ ٩٣. وعن القشتيل أنظر رحلة التجاني ١٢٦ - ١٢٨ ورشيد غريب: برج غازي مصطفى بجربة. المجلة التاريخية المغربية عدد ٤ السنة ١٩٧٥ ص: ٨٥ - ٩١.
(١٤٠) لما توفي روجي دي لوريا خلفه ابنه روجر الذي لم يكن يتمتع بحظوظ والده، وثار عليه أهل جربة، ولما علم ابن اللحياني ذلك خف لنصرتهم كما أتى في النص وحاصر القشتيل الذي استقرت به حامية عسكرية نصرانية في شهر جمادى الآخرة ٧٠٦/ ٣١ ديسمبر ١٣٠٦، بلاد البربر ١/ ١٢٣.
(١٤١) كذا في ط وتاريخ الدولتين، وفي ش وت: «صفاقس».