للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نهر تانسيفت]

وعلى ثلاثة أميال من مراكش نهر يسمّى تانسيفت (١١١) وليس بالكبير لكنه دائم الجري. وزمن الشتاء يحمل بسيل كبير لا يبقي ولا يذر، وبنى عليّ بن يوسف [بن تاشفين] عليه قنطرة عجيبة البناء متقنة الصّنع فجلب إلى عملها صنّاع الأندلس وجملا من أهل المعرفة بالبناء فشدّوها وأتقنوا بنيانها حتى كملت، فلم تلبث أعواما يسيرة حتى أتى السّيل على أكثرها وحلّ عقدها ورمى بها في البحر الزاخر، وهذا الوادي يأتي إليه الماء من عيون ومياه منبعثة من جبال درن من ناحية مدينة أغمات أيلان.

[أغمات أيلان]

ومدينة أغمات أيلان صغيرة في أسفل جبل درن، وهي في الشرق من أغمات وريكة (١١٢) وبينهما ستة أميال، وبهذه المدينة يسكن يهود تلك النّاحية، وهي مدينة حسنة كثيرة الخصب، كاملة النعم، وكانت اليهود لا تسكن مدينة مرّاكش عن إذن أميرها علي بن يوسف ولا تدخلها إلا نهارا، وتنصرف عنها عشيّة، وليس دخولهم إليها في النهار إلا لأمور له وخدم تختصّ به، ومتى عثر على واحد منهم بات فيها استبيح ماله ودمه، فكانوا ينافرون المبيت فيها حياطة على أنفسهم وأموالهم.

عود إلى ذكر مرّاكش:

وأهل مرّاكش يأكلون الجراد ويباع منه بها كل يوم الثلاثون حملا فما دونها بقبالة عليه، وكانت أكثر الصنائع بمراكش متقبلة، عليها مال لازم مثل سوق الدّخان والصّابون والصّفر والمغازل، وكانت القبالة على كلّ شيء يباع دقّ أو جلّ، كل شيء على قدره (١١٣).

فلما ولي المصامدة وصار الأمر إليهم قطعوا القبالات بكل وجه وأراحوا منها (وتوعدوا عليها بالقتل) (١١٤).


(١١١) في الأصول: «تاشفيت» والمثبت من ن. م. ص: ٦٩.
(١١٢) في الأصول: «أريكة» والمثبت من ن. م. ص: ٦٩.
(١١٣) في الأصول: «بحسبه» والمثبت من ن. م. ص: ٧٠.
(١١٤) في مكانها نجد في نزهة المشتاق: «واستحلوا قتل المتقبلين لها ولا تذكر الآن القبالة ذكرا في شيء من بلاد المصامدة».