للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليت اذ تكلمت لم تتعلم، ورأى يوما / مكسا فأخذ قرطاسا وكتب فيه: من أكل طعاما من مكس ينظر عاقبة أمره، وطوى الكتاب ووجهه إلى الخليفة، فلما نظر فيه قال: ما هذا؟ فأخبر، فقطعه (١٩٨)، وكذلك أخبر بامرأة رومية وقعت في الجانب العلي، ورام بعض الأمراء عصمتها فكتب للخليفة: أخبروني فإن أردتم عز الاسلام فأعزوه، وإلاّ ارتحلنا من بينكم، فإن مثل هذا الواقع وحماية من فعله ردّة، قال الشّيخ البطرني:

فوجه الخليفة للقاضي ابن عبد السلام وقال له: ما قمت ولا قعدت لو أنك نفذت الحكم الشرعي ما سمعت أنا مثل هذا، ثم أمر بالمرأة فرفعت للقاضي، وتمّ الحكم عليها، وقدمه ابن عبد الرفيع للشهادة عدلا بتونس، فكان لا يأخذ أجرا على شهادته، ويأخذ الصّدقة والزكاة، وحكى الشّيخ ابن عرفة عنه أنه قال: يجلس كل يوم الخضر - عليه السلام - بالمقصورة الشرقية من جامع الزّيتونة من أوّل آذان الظهر إلى أن يكثر الناس فيخرج يشير إلى أنه رأى الخضر مرارا.

وفاة الشّيخ أبي حيان:

وفي شهر صفر من السنة المذكورة (١٩٩) توفي بالقاهرة الشّيخ الإمام الحافظ النحوي المفسر أثير الدين أبو حيّان (٢٠٠) محمد بن يوسف بن علي بن حيّان الأندلسي، كان إماما عارفا بالتفسير والعربية، انتقل من الأندلس لمصر واستوطنها، وأخذ الناس عنه فأفاد واستفاد، وتمذهب بمذهب (٢٠١) الشّافعي، وصنّف تصانيف في علوم شتى أربت على خمسين / تصنيفا (٢٠٢)، منها «البحر المحيط» (٢٠٣) في تفسير القرآن الذي اختصر الصفاقسي والسمين اعرابه (٢٠٤) وكان جيد الشعر والنثر فمن شعره:


(١٩٨) «فأمر بقطعه» تاريخ الدولتين.
(١٩٩) أي سنة ٧٤٢ والذين ترجموا له ذكروا أنه توفي سنة ٧٤٥، والمؤلف حذف خبرا وقع سنة ٧٤٥ ثم نقل ترجمة أبي حيان بدون تنبه إلى ما في كلمة السنة المذكورة من الإشتباه.
(٢٠٠) في تاريخ الدولتين ص: ٧٧: «أبو يحيى».
(٢٠١) بعد أن كان ظاهريا إلاّ أنه لبث ظاهريا في الباطن يعظم امام المذهب داود الظاهري كلما مست المناسبة كما نراه في تفسيره.
(٢٠٢) وله ديوان شعر مطبوع.
(٢٠٣) في ٨ مجلدات كبيرة وهو مطبوع.
(٢٠٤) وأبو حيان كان يقول عن نفسه أبو حيّات يقصد تلامذته، وكان يستهزئ بالفضلاء من أهل القاهرة، =