للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزحف إليهم السّلطان أبو الحسن، فالتقوا / قرب القيروان، فغلبهم وأجفلوا أمامه، ثم رجعوا مستميتين في ثاني محرم سنة تسع وأربعين وسبعمائة (٢٣١)، وتواقفوا، واختل مصاف السّلطان، ونهبت محلّته بكل ما فيها، وكان جيشه يزيد على ثلاثين ألف فارس، ونجا السّلطان بنفسه في شرذمة قليلة، فتحصّن بالقيروان، وأخذوا بمخنقه، وكان الشّيخ ابن تافراجين وجد السّلطان أبا الحسن لم يجره على مألوفه كما كان مع السّلطان أبي بكر لقيام هذا على أمره، فكان في قلبه مرض منه، وكان العرب يفاوضونه بذلك (٢٣٢)، فلما أحاط العرب بالسّلطان تحيّل ابن تافراجين في الخروج عليه، فبعثه السّلطان يتحدث مع العرب في الطّاعة، فخرج إليهم فقلدوه حجابة سلطانهم أحمد بن أبي دبّوس ودفعوه لمحاربة من بقصبة تونس ونصب المجانيق عليها فلم تغن شيئا، فجعل يحاول نجاة نفسه لاضطراب الأمور إلى أن بلغه خلوص السّلطان من القيروان إلى سوسة، وكان السّلطان داخل أولاد مهلهل وحكيما في الصّلح على أموال اشترطها لهم، فاختلف رأي العرب لذلك، ودخل إليه قتيبة (٢٣٣) بن حمزة مكانه بالقيروان زعما بالطّاعة فقبله، وأطلق أخويه خالدا وأحمد، ولم يثق بهم، ثم دخل إليه محمّد بن طالب من أولاد مهلهل وجماعته فأسرى معهم إلى سوسة بعسكره فصبحها، وركب منها في البحر لتونس، وسبق الخبر إلى ابن تافراجين فتسلّل عن أصحابه وركب البحر إلى الإسكندرية في ربيع [الآخر] / فأصبحوا وقد فقدوه، فاضطربوا وأجفلوا عن تونس، ولما دخل السّلطان لتونس من البحر في ربيع الآخر أصلح أسوارها وأدار الخندق بها، ولحق أولاد أبي اللّيل وسلطانهم أحمد بن عثمان الدّبوسي بتونس ونازلوها والسّلطان بها، فامتنعت عليهم، وخلص (٢٣٤) للسّلطان أولاد مهلهل، فلما أحس بهم أولاد أبي اللّيل أتوا إليه ودخل عليه كبيرهم عمر وافدا عليه في شعبان من السنة، فحبسه إلى أن يقبضوا على سلطانهم أحمد ابن عثمان الدّبوسي، فقبضوا عليه وقادوه إلى السّلطان أبي الحسن استبلاغا في الطّاعة، فقبل ذلك منهم، وأودع سلطانهم المذكور السّجن إلى أن لحق المغرب، ولحق هو بالأندلس، فأقام السّلطان أبو الحسن بتونس، ووفد عليه أحمد بن مكّي، فعقد


(٢٣١) ٢ أفريل ١٣٤٨ م.
(٢٣٢) في تاريخ الدولتين: «يفاوضونه بذات صدورهم من الخلاف والاجلاب» ص: ٨٤.
(٢٣٣) في الأصول: «فتية».
(٢٣٤) في تاريخ الدولتين: «وخلصت ولاية أولاد مهلهل للسّلطان. فلما أحس بهم أولاد أبي الليل رجعوا إلى مهادنته» ص: ٨٥.