للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان بالقصبة من المجابي، فأقام بها ثلاثة أشهر (٢٤٢)، ثم تحرّك إلى بجاية فأخذها بقيام أهلها على بني مرين، وارتفع له بذلك صيت، وعزم على الرّحيل / إلى الحضرة والسّلطان أبو الحسن مقيم بها.

ولما تبيّن للأمير أبي عنان حياة أبيه خاف من عقوبته فأرسل صاحب بجاية وصاحب قسنطينة لبلديهما ليعظم الأمر على أبيه وليكونوا حائلين بينه وبين بلاده (٢٤٣)، وربط معهم في ذلك ربطا فرجع كل لبلده، ورجعت البلدان لأربابها، وتوجّه الفضل من بجاية لبونة في البحر بعد أن أخذ بيده (٢٤٤) وسيق للأمير أبي عبد الله الداخل عليه ببجاية، فعفا عنه ووجهه إلى بلاده بونة (٢٤٥)، وذلك بشوال من سنة تسع وأربعين وسبعمائة (٢٤٦)، فوجد بعض قرابته قد ثار ببونة، ولم يتم لهم ذلك، فدخل إلى قصره واستقلت (٢٤٧) الثغور الغربية بأربابها وأمرائها.

وفي السنة المذكورة توفي بتونس الشّيخ أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عمر المعافري المعروف بابن الحباب، كان ابن عرفة يثني عليه بتحصيل العلم وتحقيقه (٢٤٨) - وهو أحد أشياخه وشيخ ابن عبد السلام أيضا - قال ابن عرفة: ولما مات ابن الحباب حضرت جنازته فكنت سادس ستة، وكان توفي ذلك اليوم السّكوني (٢٤٩) فضاق الفجاج بالازدحام على نعشه لأن منزلة ابن الحباب عند العامّة لا تكون بذلك.

وفي سنة خمسين وسبعمائة (٢٥٠)، انتفض (٢٥١) العرب على السّلطان أبي الحسن، واستقدموا السّلطان الفضل ابن السّلطان أبي بكر من بونة لطلب حقّه واسترجاع ملك


(٢٤٢) في الأصول: «ثلاثة أيام» والتصويب من تاريخ الدولتين الذي ينقل عنه المؤلف ص: ٨٦.
(٢٤٣) في الأصول: «بينه وبينه» والتصويب من تاريخ الدولتين.
(٢٤٤) في الأصول: «ما بيده».
(٢٤٥) في البحر.
(٢٤٦) ديسمبر - جانفي ١٢٤٨ - ١٢٤٩ م.
(٢٤٧) في الأصول: «استقامت».
(٢٤٨) قال الأبي في اكمال المعلم (شرح صحيح مسلم) ٤/ ٣٠٨ «ابن الحباب هذا لم يكن عارفا بالفقه وإنما كان إماما في العقليات». وله ترجمة في كتاب تراجم المؤلفين التونسيين ٢/ ٨٤ - ٨٧.
(٢٤٩) لعله من أسرة السكوني الاشبيلية المشهورة بالعلم، نزحت إلى تونس بعد سقوط اشبيلية بيد الاسبان وانتهاء الحكم الاسلامي بها وكان نزوحها حوالي منتصف القرن السابع.
(٢٥٠) ١٣٤٩ - ١٣٥٠ م.
(٢٥١) كذا في ط وتاريخ الدولتين، وفي ش: «ابتغض».