للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واشتغل الحسن باللهو، وجمع من الملاهي كثيرا، ومن المردان (٤٤٣) أزيد من أربعمائة للفسق بهم، وشقّ ذلك على أهل البلد وطلبوا منه ترك ذلك حتى رموه بالحجارة، فأبى أن يترك فنفرت عنه القلوب، فأرسلوا إلى الرّشيد ليملّكوه فلم يمكن، فذهب الرّشيد إلى خير الدّين باشا صاحب الجزائر، والتجأ إليه، فلما علم ذلك السّلطان الحسن شقّ عليه ذلك، وأرسل إلى السّلطان سليمان يشكو من خير الدّين، فانه آوى أخاه، وأرسل صحبة الرّسول هدايا متحفة، فأجابه السّلطان بأن: طب نفسا فإنّا نأمر خير الدين باستصحاب أخيك معه فإذا حصل عندنا أودعناه عندنا فلا يعود إليك، فلما قدم خير الدّين على السّلطان ومعه الرّشيد، عيّن له السّلطان كل يوم خمسمائة درهم جامكية (٤٤٤)، ومن المأكول ما يكفيه، وكانت عمارة السّلطان مترددة على المغرب لاستنقاذ البلاد من أيدي الكفّار / فعرف خير الدّين السّلطان بأن العمارة لا تطيق أن تخرج من هاهنا وتسير مسافة أشهر، ثم تجتمع بالكفار، فلا بد أن تشتّي (٤٤٥) عمارتكم قرب بلاد الكفار، ثم تسير منه إلى حيث شاءت، وليس ثم موضع تشتّي (٤٤٥) فيه أليق من حلق الوادي بتونس، وكيف ذلك والسّلطان حسن بتونس، فقال: إن أهل تونس متضجّرون منه وهذا الرّشيد عندكم يحبّه أهل تونس، فإن أمر السّلطان سرت بالعمارة، وعرّفتهم بأن الرّشيد معنا فنملك تونس باتفاق من أهلها فتكون البلاد كلها للسّلطان، فوافقه السّلطان على ذلك، فسار خير الدّين بالعمارة، فدخل حلق الوادي، وعرّف أهل تونس بأن معهم الرّشيد ليملّكوه البلاد، فقام أهل البلد قومة واحدة وقالوا: نصر الله الرّشيد، وساروا نحو العمائر، ففرّ الحسن بأهله وماله إلى مشايخ العرب، فاستولى خير الدّين على البلد وقتل مشايخ الحفصيين خفية فتحقّق أهل البلد عدم مجيء الرّشيد، وإنّما هي حيلة من خير الدين، فقاموا عليه وقاتلوه، وقتل من أهل تونس ما يزيد على ثلاثين ألفا بين رجال ونساء، ثم كفّ عنهم وصالحهم، فأغار الحسن على تونس ليلا وقتل أزيد من ألف بقباشي، وسافر لإسبانية، واستمدّ من ملكهم، ولما تمكّن من


(٤٤٣) ج أمرد.
(٤٤٤) قال دوزي اعتمادا على النويري ووصف مصر (Deseription de Egypte) ، «تعني في الأصل الأموال المخصصة للأزياء ثم صارت تعني الأجرة، المرتب، المعاش الخ. . .» ١/ ١٦٨.
(٤٤٥) أي تقضي الشتاء.