للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البلاد «وردت عليه عمارة (٤٤٦) من النّصارى واستنجدها الحسن من قبل الامبراطور (٤٤٧) فيها مائة ألف مقاتل.

ولما نزلت النّصارى تلقّاهم جند خير الدّين / ومن انضاف إليه من أهل تونس، وكانوا نحو ثمانية عشر ألفا، فالتقى الجمعان شرقي تونس (٤٤٨)، وخير الدّين يحرّض المؤمنين على القتال، وظهر منهم في تلك الحرب ثبات وشدّة إقدام وتمكّن في أنواع الحرب، وكاد أن يكون الظّفر له في ذلك اليوم، فبينما هو كذلك اذ ورد الخبر على خير الدّين أن الحسن تملّك بالقصبة، وأن الأعلاج التي بها فتحوا الباب له، ففرّ خير الدّين ومن معه إلى المغرب وتعرّض له العرب بنواحي تبرسق ووقعت بينهم حروب شديدة، وتخلّص منهم إلى أن وصل إلى بلاد العنّاب - بونة - فركب البحر في عشرين غرابا وتوجه لبر الترك» (٤٤٩) فانفتح على تونس باب البلاء وجاءها ما كانت توعد {إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ} (٤٥٠). ونال الحسن الحفصي الاسم القبيح الفعل بهذه الفعلة الشّنيعة ما دعته إليه نفسه القبيحة {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (٤٥١) مما حل بالمسلمين.

وقيل إن الحسن لما ذهب إلى اسبانية عينوا له كل يوم أربعة آلاف دينار افرنجي لمأكله، وكانت مدة المكث سبعة أيام، ثم سار بعمارة فيها نحو أربعمائة غراب فنازل تونس، فاتّفق أهل تونس مع خير الدّين أن لا يخرج للكفار بل (٤٥٢) يبقى بالقصبة، ويباشرون بأنفسهم قتال الكفار، فاستمر القتال نحو شهر، فاستطال خير الدّين المقاتلة فنزل بنفسه من القصبة، وفوض أمرها إلى قائده جعفر آغة، وكان افرنجيا يبطن الكفر، وكان في البلد جيوش خير الدّين بها نحو أربعين ألفا / فقام جعفر المذكور فأطلقه من الحبس ومكّنه من القصبة وأسوارها ومدافعها، فصار المسلمون بين عدوّين: المدافع من البلد والسّيف أمامهم، فانهزموا أقبح هزيمة، والهاربون هلك أكثرهم من العطش، ودخل طاغية النّصارى، وأجلس السّلطان حسنا على التّخت، وأعطاه الحسن نفائس الأموال، ومن أسارى المسلمين ما يزيد على سبعين ألفا ممن يتهم بموالاة أخيه الرّشيد،


(٤٤٦) النقل بتصرف من المؤنس ص: ١٦٣.
(٤٤٧) كذا في المؤنس وفي الأصول: «الإنبلاذور».
(٤٤٨) بقرية الكلخ شرقي تونس (المؤنس ص: ١٦٤)، وفي اتحاف أهل الزمان ٢/ ١٢ ونزل (أي الأسبانيول) للبر بمحل يقال له «برج العيون» قرب حلق الوادي.
(٤٤٩) المؤنس ١٦٣ - ١٦٤.
(٤٥٠) سورة البقرة: ١٥٦.
(٤٥١) سورة آل عمران: ١٨٣.
(٤٥٢) في ش «بأن».