للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«ثم إن النّاس اطمأنوا فافتتحوا أسواقهم ولزم كل صانع صنعته، فبينما المسلمون في هذه الغفلة اذ دهمهم العدو فجأة ودفعت النّصارى دفعة، والأسواق مفتوحة، فنهبوها سبيا وقتلا، وفرّ المسلمون بعيالهم إلى ناحية زغوان، فبعث طاغية النّصارى إلى العرب، وعيّن لهم جعلا على كل مسلم من الحاضرة أتوه به شيئا معلوما، فخرجت العربان في طلبهم وأخرجوهم من كل شعب وواد، وأتوا بهم إلى النّصارى، فكان طلب العرب أشدّ على المسلمين من طلب النّصارى، وأعطاهم ما شرط لهم، والبعض افتدى من البادية، وبلغت فدية الرّجل الموسر ألف دينار، ومن لم يفد نفسه أرسلوه إلى النّصارى، وكان خطبا على المسلمين جسيما.

وهذه هي الواقعة المعروفة بواقعة (٤٥٣) الأربعاء، وأباح الحسن للنّصارى البلاد (٤٥٤) ثلاثة أيام، ويقال في هذه الواقعة أسر الثلث ومات الثلث وهرب الثلث. قال صاحب المؤنس وسمعت من أهل الحضرة من يقول كل ثلث / ستون ألفا وكانت (٤٥٥) هذه الواقعة سنة إحدى وأربعين وتسعمائة (٤٥٦).

وعندما استقر الحسن بتونس، تراجع أهل البلد بعد التشتّت والنهب حبّا في الوكر» (٤٥٧) ولما استقر أمر السّلطان حسن بتونس، وأراد طاغية النّصارى السفر التمس السّلطان حسن من الطاغية أن يؤخر عنده قدر أربعة آلاف افرنجي يقيمون عنده بحلق الوادي، ويبنوا هناك معقلا، وذلك سنة إحدى وأربعين وتسعمائة (٤٥٨)، فوافقوه على ذلك، وبنوا مدينة مسوّرة فتضرّر بهم كافة الخلق، فكان الحسن سببا لقرار الكفار هناك.

«(٤٥٩) ثم خرج الحسن لافتكاك القيروان من يد الشّابيين قبل قدوم الباشا درغوث، فقاتلوه ليلا بالسّيف، واغتنموا ماله وسلاحه، فأقسم لا يرجع عنها بحال، وعزم على أن يستنجد لها النّصارى ويفتكها بعد اباحتها للنّصارى، وكان ابنه أحمد عاملا ببونة، فلما سمع بتوجه أبيه لبرّ النّصارى لمعاداة القيروان اختلس نفسه خفية، ودخل القصبة


(٤٥٣) كذا في الأصول وفي المؤنس: «خطرة».
(٤٥٤) في المؤنس: «البلد» ساقطة من ش.
(٤٥٥) في الأصول: «وكان».
(٤٥٦) ١٥٣٤ - ١٥٣٥ م.
(٤٥٧) المؤنس بتصرف ص: ١٦٥، الوكر هو العش، وفي العامية: المسكن، ويقصد بها هنا الموطن.
(٤٥٨) ١٥٣٤ - ١٥٣٥ م.
(٤٥٩) رجع إلى النقل من المؤنس ص: ١٦٥.