للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن أبي أمر قوما من عبيده فركبوا هذا البحر (١٤٩) وأنهم جروا في عرضه شهرا إلى أن انقطع عنهم الضّوء، وانصرفوا (١٥٠) من غير فائدة تجدي، ثم أمر الملك التّرجمان أن يعد القوم خيرا، وأن يحسن ظنّهم بالملك ففعل، ثم صرفوا (١٥١) إلى موضع حبسهم إلى أن بدأ جري الريح الغربية، فعمر بهم زورقا، وعصّبت أعينهم، وجروا بهم في البحر برهة من الدهر، قال القوم: قدّرنا أنه جرى بنا ثلاثة أيام بلياليها حتى جيء بنا إلى البر، فأخرجنا وكتّفنا إلى خلف وتركنا بالساحل إلى أن تضاحى النهار، وطلعت الشمس ونحن في ضنك وسوء حال من شدة الكتاف، حتى سمعنا غوغاء وأصوات الناس، فصحنا بجملتنا، فأقبل القوم إلينا فوجدونا بتلك الحال السيئة، فحلّونا من وثاقنا وسألونا (١٥٢) فأخبرناهم بخبرنا، وكانوا برابر، فقال لنا أحدهم: أتعلمون كم بينكم وبين بلدكم؟ فقلنا: لا، فقال: إن بينكم وبين بلدكم مسيرة شهرين، فقال زعيم القوم: وا أسفي، فسمّي المكان (١٥٣) إلى اليوم آسفي (١٥٤).

[مرسى ماست]

ومن مرسى آسفي إلى مرسى ماست في طرف الجون مائة وخمسون ميلا. ومرسى ماست (١٥٥) مرسى حسن يكنّ من بعض الرياح، والمراكب تصل إليه فتخرج منه الحنطة والشعير، ويتّصل به من قبائل البربر دكّالة، وأرض دكالة كلها منازل وقرى، ومناهل ومياهها قليلة.

[داي وتادلة]

ومن مدينة أغمات مع الشرق والشمال إلى مدينة داي وتادلة أربعة أيام، وبين داي وتادلة مرحلة.


(١٤٩) في ت: «فركبوا هذا البحر ودخلوا فيه».
(١٥٠) في ت: «وانصرفوا راجعين».
(١٥١) كذا في ط ونزهة المشتاق، وفي ت: «انصرفوا».
(١٥٢) في ت: «وسألونا عن حالنا».
(١٥٣) في ت: «ذلك المكان».
(١٥٤) قدم المؤلف هذا التفسير عن موضعه في نزهة المشتاق اذ يتحدث عنه الادريسي عند كلامه عن مدينة لشبونة، وعن قصة الفتية المغرورين. أنظر نزهة المشتاق ص: ١٨٤ - ١٨٥.
(١٥٥) في الأصول ونزهة المشتاق: «الغيط». والأرجح ماست طبقا لما سبق ولما حققه محمد حاج صادق لكتاب المغرب العربي من كتاب نزهة المشتاق ص: ٩٢.