للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العساكر الإسلامية لقوّتها (٦) عليهم فالتجؤوا إلى مضايقة الأندلس ومزاحمتهم وإزعاجهم من أرضهم حتّى طلبوا منهم الخروج لبرّ العدوة وإفريقية بلا قتال ولا حرب، فخرج أكثر النّاس، وإستضعف الكفّار من بقي، واستولوا على البلاد طوعا أو كرها ففات السّلطان سليم - رحمه الله - تدارك الأندلس، فصرف عنان عنايته نحو إفريقية، وخاطب (٧) الوزراء العظام والبكلاربكية (٨) الفخام وقال (٩): من يقوم منكم بهذا الأمر، ويتقدّم لنصرة الإسلام وإذلال عبدة الصّليب والأصنام، ويستنقذ أسارى المسلمين من أيدي النّصارى الفجرة اللئام، فبادر الوزير الأعظم أبو الفتوحات سنان باشا - رحمه الله - وقال: أنا لها، أنا لها، فقابله السّلطان بالقبول والإكرام، وحسن الثّناء والإنعام، فجعله سردار (١٠) العساكر أي الناظر عليها والحاكم فيها، وأمر بالتوجه معه لضبط العساكر في البحر وتسيير المراكب قابودان الباب العالي أمير الأمراء العظام قلج علي باشا - رحمه الله تعالى - فشرعا في أخذ أسباب السّفر وأخذا معهما من أمراء السّناجق من له خبرة بالتّصرف في أحوال البحر من الماء والريح وإجراء المراكب وضبط أحوالها، فشحنوا مائتي غراب وعدّة كثيرة من شونات (١١) المراكب الكبار لحمل الأثقال / والمدافع، قيل كان عدّة السّفن ألفا وخمسمائة سفينة، وكان يوم بروزهم من القسطنطينية يوما مشهودا في ساعة مباركة بغرّة أشرف الرّبيعين سنة إحدى وثمانين وتسعمائة (١٢)، فشرعوا في السّفر،


(٦) في ط: «لتقويها».
(٧) من هنا يبتدئ النّقل من الإعلام بأعلام بيت الله الحرام للنّهروالي ص: ٣٧١ والنّقل ببعض تصرّف.
(٨) في الأصول: «الكبلاركية» والتّصويب من الإعلام للنّهروالي ص: ٣٧١. وواحده بكلربك يلفظ بيلر به أي بك البكوات أو سيّد السّادات، أنظر تاريخ الدّولة العليّة ص: ١١٣ هامش ١.
(٩) ساقطة من ش.
(١٠) سردار، كلمة فارسيّة بمعنى السّيّد، وتعني أيضا القائد الأعلى للجيش، تاريخ الدّولة العليّة ص: ٥٥٦ هامش ١.
(١١) في ط: «انشوات»، وفي الإعلام: «من المونات الكبار» ص: ٣٧٢، والصّحيح ما بالنّص ورد في تاج العروس للزبيدي: «الشونة المركب المعدّ للجهاد في البحر والجمع الشواني لغة مصرية»، وجاء في المستدرك: «الشين المركب الطّويل» وعند دوزي الشيني (Calere) بالفرنسية وبالإيطالية (Galera) وهي أقدم أنواع السّفن وكانت أهمّ القطع التي يتألف منها الأسطول الروماني، وفي العصور الوسطى كانت هي أهمّ القطع الّتي يتألّف منها الأسطول الإسلامي لأنّها كانت أكبر السّفن وأكثرها إستعمالا وتحمل المقاتلة للجهاد. . . وظلّ إسم شيني متداولا في الملاحة حتّى أيّام الدّولة العثمانية. أنظر البحرية في مصر الإسلامية لسعاد ماهر ص: ٣٥٢.
(١٢) ٣١ جويلية ١٥٧٣ م.