للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضربزانات (٤٢) فلمّا وصلوا القلعة إجتمع رأيهم أن يدوروا بالقلعة من كلّ جهاتها، وكان بها من الكفرة من تقدّم رجالا وفرسانا وجاء لنصرتهم طوائف عربان، فخرجوا من قلعتهم مرارا ودهموا المسلمين واقتتلوا مرارا، واستشهد من سبقت له الحسنى وألقي في نار جهنّم بعد نار الحرب من كذّب بالحسنى فريق في الجنّة وفريق في السعير، واشتدّ الأمر على المسلمين والمدد متّصل / بأعداء الدّين.

فلمّا بلغ الخبر إلى الوزير الأعظم سنان باشا - رحمه الله - توجّه بنفسه وترك أصحاب حلق الوادي على قتالهم، فلمّا وصل إلى قلعة البستيون (٤٠) وشاهدها وزّع على جوانبها عساكر المسلمين، ووعدهم النّصر المقرون بالصّبر في قوله تعالى {اِصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاِتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٤٣) وعيّن في كلّ موضع طائفة، وأشار عليهم بما هو الأليق والأصوب في الحروب، فاطمأنّوا واشتدّت قلوبهم، وعاد من يومه إلى حلق الوادي لاحتياج من به لحسن تدبيره، وآستمر كلّ من الفريقين على مجاهدة من في مقابلته.

ووصل في أثناء هذه المقاتلة بكلاربكي الجزائر كان سابقا أحمد باشا (٤٤) لإعانة عساكر الإسلام، فدخل على حضرة الوزير واستأمر بما يأمره به، فأعطاه عدّة من المدافع، وعيّن له جهة الجنوب من حلق الوادي، فتوجّه إليها، وبنى المتاريس فيها، واستمر القتال، ووصل العسكر المنصور إلى حافة خندق الكفّار في مقدار تسعة (٤٥) عشر يوما فبنوا على حافته المتاريس، ووصل (٤٦) الكفّار للبرج - المقدّم الذّكر - قرب الحصن الكبير من تحت الأرض - حسبما مرّت الإشارة إليه -، فملؤوه بالآلات والرّجال، ففطن


(٤٢) في الأصول: «زرابزن» والتّصويب من الإعلام ص: ٣٧٧، وفي المؤنس ص: ١٨٧: «زرابر».
(٤٣) سورة آل عمران: ٢٠٠ وهي ختام السورة.
(٤٤) كذا في الإعلام، وفي الحلل السّندسيّة ٢/ ٢٣١: «وصل رمضان باشا المتولي على مدينة الجزائر إذاك ومعه ثلاثة آلاف مقاتل، واجتمع مع الوزير سنان باشا وطلب منه تشريف خدمته فيما يأمره به من التّوجه لمقاتلة هذه الكفّار فأمر بالتّوجّه إلى القلعة المحصورة قرب تونس المعبّر عنها بالبستيون فامتثل وأحاط بها من بعض جهاتها»، ولعلّ الأصحّ ما في الحلل السّندسيّة لأنّ هذا الباشا معه بضعة آلاف من العساكر، وهذا أمر له وزنه في ترجيح كفة النّصر، وأمّا القدوم بالشّخص فقط فلا يعدو الشجاعة والخبرة الحربية إن وجدت وصاحب الإعلام أشار إلى وصول أحمد باشا متولّي الجزائر سابقا ورمضان باشا وذكر قريبا ممّا ذكره صاحب الحلل السّندسيّة. الإعلام ص: ٣٧٩.
(٤٥) في الإعلام ص: ٣٧٨: «بعد أربعة عشر يوما».
(٤٦) في الأصول: «ووصلوا».