للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا قضى مآربه من حلق الوادي توجّه بمن معه من العساكر إلى البستيون (٧٥) ليطمئن من به من المسلمين ففرح المسلمون به، وحمل بمن معه على من في القلعة حملة واحدة وتسابقت العساكر إلى إستئصال الكفّار، وصبروا على حدّ السّيف وحرّ النّار، وإستشهد كثير من المسلمين، ولم يزالوا كذلك إلى أن دخلوا القلعة ونصبوا الرّايات السّلطانية على القلعة، ودخل بقيّة العساكر فوضعوا السّيف في الكفّار، وقتلوا منهم ثلاثة آلاف دارع (٧٦) مغلغل من قرنه إلى قدمه في سابغات الحديد، ورمى الباقون بأنفسهم من أعلى القلعة إلى أسفلها، وهم زهاء (٧٧) خمسة آلاف، فنزلوا على أقدامهم (٧٨) في الرّمل، وهربوا مقدار رمية (٧٩) سهم أو سهمين، وشرعوا في التّترّس بأتربة أرادوا أن يتحصنوا بها والمسلمون مشغولون بقتل من بقي في (٨٠) القلعة ونهب الأمتعة والأسلاب فوجد بها ألواح وأخشاب أعدّها الكفّار لإتقان القلعة وإحكامها وبارودا كثيرا / ومدافع وآلات حرب وبشماط (٨١) كثير لأزوادهم، وكانت القلعة غير محكمة البناء، ثم أمر الوزير الأعظم أن يتتبّع العساكر المنصورة أولئك الهاربين، فتتبّعوهم ووجدوهم في عمل مكان يتحصّنون به فهجموا عليهم هجمة واحدة فأيقن الكفّار أن (٨٢) لا مفر، فقاتلوا أشدّ القتال، فانقلب الكفّار صاغرين، وضرب في وجوههم الذّلّة ورجعوا منهزمين، وأعلى الله كلمة الإسلام بنصر المسلمين {فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} (٨٣).

وجهّزت البشائر إلى الأعتاب العليّة العثمانيّة، وتطايرت (٨٤) أخبار هذه البشارة إلى سائر أقطار المسلمين، ولولا لطف الله تعالى بالمسلمين لعمّ أذى الكفرة الفجّار (٨٥) جميع


(٧٥) في الأصول: «البستيور».
(٧٦) كذا في ش والإعلام ص: ٣٨٢، في ت: «وراع»، وفي ط: «ذراع».
(٧٧) في الأصول: «زهى».
(٧٨) في الأصول: «إلى».
(٧٩) ساقطة من ش وط.
(٨٠) في ش: «من»، وفي ت: «بالقلعة».
(٨١) كذا في اللهجة التّونسيّة ويقصد بها الخبز المجفّف بالتّسخين، وفي الإعلام: «بكسماط».
(٨٢) ساقطة من ش.
(٨٣) سورة الأنعام: ٤٥.
(٨٤) في الأصول: «تطاير».
(٨٥) في ط وت: «الفجرة».