للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من التّعرّض لذكر شيء من البايات الماضين عن هذا الدّاي، ثمّ نسوق الكلام على البايات بالذّات وعلى الدّايات بالعرض.

[بداية البايات]

فنقول: لمّا كانت دولة بني حفص في أيّام إستقامتها، كان (١٠٥) سلاطينهم يخرجون بمحالهم لجباية أموالهم، ولمّا جاءت دولة العساكر العثمانيّة تقسّمت البلاد بين القياد، وصار أعظم قيّادهم يخرج بالمحلّة، وكانت الأعراب مع ذلك في قوّة واستحوذوا على جلّ البلاد كعرب إفريقية أولاد أبي اللّيل وأولاد أبي سالم (وأولاد حمزة (١٠٦)) (١٠٧) وأولاد شنّوف (١٠٨) عرب الكاف وأولاد سعيد وأولاد مدافع، وأهل الجبال غالبهم عصاة، فكان صاحب المحلّة يعاملهم بالمخادعة والرّفق والقوّاد يتعاقبون في التزامات المحال، فكانت أحوالهم غير مضبوطة، وكثرت الحكّام في المدينة، فكانوا في جهد مع الرّعيّة، وفي أقلّ الأمور يتعذّر الخلاص معهم وخصوصا أهل جبل عمدون ومن جاورهم وأهل جبل وسلات وأهل جبل مطماطة وغيرهم.

فأوّل من سما (١٠٩) وأظهر ناموس البايات (١١٠) وتسامى وتسمى بهذا الإسم على الحقيقة القائد رمضان من الأعلاج، أصله من أهل الجزائر فخدم المناصب هناك، وانتقل إلى تونس، وتحصّل على هذه المرتبة، وكانت له سياسة وتدبير حسن فاقتنى المماليك وعلت رتبته، وتخرّج من مماليكه عدّة رجال أخذوا المناصب في حياته، وتسمّوا (١١١) بهذا الإسم قبل مماته، فمنهم مراد باي، ورمضان باي، وحسن باي، فهؤلاء مشاهير مماليكه، وكان أعلاهم همّة وأبعدهم صيتا مراد، فكان فيه زيادة حذق وقوّة علم بسياسة الرّعيّة وتدبيرها، وجباية الأموال وتحصيلها، فاستولى / في حياة سيّده


(١٠٥) النّقل من المؤنس ص: ٢٢٧.
(١٠٦) في الأصول: «همزة».
(١٠٧) ما بين القوسين ساقط من ط.
(١٠٨) كذا في ت والمؤنس، وفي ش وط: «شنوب».
(١٠٩) في الأصول: «سمى».
(١١٠) في الأصول: «البياية».
(١١١) كذا في ط، وفي ش: «تسمى».