للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خمس وثمانين وألف (١٧٦)، خرج إليه بمحلّتين عظيمتين، وخرج أخوه (١٧٧) بمحلّة من صبايحيته، ونازل الجبل ودار به من كلّ فجّ، فبعد الإعذار والإنذار بادر إلى قطع أشجارهم وضايقهم، ثم دخل الجبل عنوة، وفرّ الشّوك أمامه بعد قتال شديد، وقتل نفسه بيده وجيء برأسه (١٧٨) وذلك بصفر من السّنة المذكورة (١٧٩)، ورجع بمحلّته مؤيّدا منصورا، فقسم المحال قسمين، ودخل تونس ومع ولده الأكبر محمد داي محلّة، ومع ولده الأصغر علي باي محلّة، وهذه آخر سفراته.

ولم تطل بعد ذلك أيامه فتوفّي - رحمه الله - بمنزله ببارد وفي العشر الأواخر من جمادى الأولى سنة ست وثمانين وألف (١٨٠)، ودفن بتربة آبائه.

ومن آثاره الجميلة إنشاؤه بباجة مسجدا (١٨١) إمامه حنفي، والمدرسة الّتي عند باب الرّبع غربي جامع الزّيتونة بتونس وهي منسوبة إليه، ومدرسة بجربة للشّيخ الصّالح سيدي إبراهيم الجمّني - نفعنا الله به - قبل وفاته بسنة.

[محمد باي بن مراد]

وبعد وفاته قام مقامه إبناه الشّقيقان - المقدّما الذّكر - محمّد باي وعلي باي - رحمهم الله تعالى -.

ويوم وفاة والدهما كان محمّد باي بالمحلّة وعلي حاضر الوفاة، فاتفق أهل الحلّ والعقد على تولية الأخوين، وسيروا لمحمّد باي صحبة أخيه جماعة من أغوات العسكر، وصحبتهم خلع سلطانية وأوامر شريفة / بتوليتهما جميعا، (فقرئت الأوامر) (١٨٢) بالمحلّة على العسكر ولبست (١٨٣) الخلع وضربت الطّبول ونشرت الأعلام، فقام بالأمر محمد


(١٧٦) ١٦٧٤ - ١٦٧٥ م.
(١٧٧) هو محمّد الحفصي.
(١٧٨) المؤنس ٢٤٦ - ٢٤٧ والمؤلّف نقل ما فيه باختصار.
(١٧٩) كذا في المؤنس، وفي الحلل السّندسيّة ٢/ ٤٥٠: «وكان دخول وسلات وكسره يوم الخميس ٨ محرم سنة ١٠٨٦/ ٤ أفريل ١٦٧٥، وهذا موافق لما في الإتحاف ٢/ ٤٢.
(١٨٠) الأيّام الأولى من أوت ١٦٧٥ م.
(١٨١) أنظر المؤنس ٢٤٨ - ٢٤٩ ولم يذكر بناءه للمدرسة الجمنية بجربة.
(١٨٢) ما بين القوسين ساقط من ط.
(١٨٣) في الأصول: «لبس».