للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«أما بعد فقد بلغنا خطابكم وحمدنا الله على بذل نصحكم وليس بضائع في جانبنا، وما أوصيتنا كلّه صار في البال، ونعم النّظر، وهو أقرب لبلوغ الآمال (٢٥٧)، وجزاكم الله خيرا، ونحن ليس لنا تأخّر عن الشّروط الّتي اشترطت فكلّ منها سهل والسّلام».

وأمر حامله أن يتوجّه به لعلي باي على وجه الخيانة لمحمّد باي، وطلب (٢٥٨) البشارة من علي، فلمّا قرأ الكتاب وكان بالجريد كرّ راجعا لتونس، ونصب شباك الخداع لطاباق حتّى ورد للسّلام (٢٥٩)، ولم يظهر له ممّا في نفسه شيئا.

فلمّا ورد عيد الفطر وقد شمّ / طاباق رائحة التّغيّر من علي باي تأخّر يوم العيد فوقع ذلك التّأخّر بخاطر علي باي، فبعث من الغد القائد مراد له فلاطفه وحضّه (٢٦٠) على المسير فنبّه طاباق [طائفة] (٢٦١) الّذين كان أعدّهم بين يديه بالسّلاح، وسار إلى أن دخل باردو فغلق (٢٦٢) الباب في وجوه من خلفه، فتفرّق عنه جموعه.

وكان علي باي أرسل خيلا قبل ورود طاباق، فكان كلّما فارق مكانا عمّروه حائلين بينه وبين رجوعه، فلمّا حصل بباردو (٢٦٣) قبضوا عليه وأتوا به لعلي باي فسجنه سبعة عشر يوما (٢٦٤)، ثمّ أرسله (٢٦٥) مع بلكباشية المعيّنة من الدّيوان على أن يدخلوه لغار الملح لمسكنه هناك قبل ولايته في المدّة الّتي كان فيها رئيسا بالبحر، وأوصاهم علي باي أن يخنقوه في بعض بساتين الطّريق، فلمّا بلغوا البستان المسمّى برأس الطابية ونظروا إليه قال لهم: أنزلوني هنا أسرّح نظري فساعدوه، فلمّا دخلوا تكلّموا خفية: أين نجد مكانا أليق من هذا؟ فقال أحدهم: وأين النّصارى أهل الخنق؟ ففطن طاباق (٢٦٦) فقال: إن


(٢٥٧) في الحلل: «الأمل».
(٢٥٨) في الحلل: «وطلبا للبشارة والإحسان».
(٢٥٩) في ط: «للسّلام عليه».
(٢٦٠) في الأصول: «وحظه».
(٢٦١) ساقطة من ش، وفي الحلل: «طائفته».
(٢٦٢) في الحلل السّندسيّة: «فأغلقوا».
(٢٦٣) في ش: «باردو».
(٢٦٤) في الأصول: «يوم سبعة عشر» والصّواب كما أثبتنا وطبقا كذلك لما ورد في الحلل السّندسيّة ٢/ ٤٩٦.
(٢٦٥) «ثم أرسله في عربة»، الحلل.
(٢٦٦) وذلك أنّ عادة هؤلاء الترك، أنّ من يحكم عليه بالقتل منهم لا يباشر قتله جندي لأنّه أخوه، والأخ لا يقتل أخاه، فيأمرون النّصارى الّذين في الحانات مباشرة ذلك، ويرونه مثل من قتل في الجهاد جهلا منهم: إتحاف أهل الزّمان ٢/ ٥٦ - ٥٧.