للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك ورأوا أنّ فيه سفك دماء المسلمين بغير موجب فرجعوا على الدّولاتلي وعزلوه، فخرج في مركب على حين غفلة من النّاس فاتصل الخبر بمحمّد باي فجهّز مركبا في أثره / أين كان فصادفوه وأتوا به لمحمّد باي فعاتبه ثم عامله بالحلم والإكرام وبذل له أموالا ومماليك وخدمه وجهّزه إلى إسلامبول، فصار من أكابر رؤساء البحر وغنم غنائم عظاما للسّلطان سليمان خان إبن السّلطان ابراهيم خان - رحم الله الجميع برحمته الواسعة -.

وفي ربيع أول من سنة مائة وألف (٣٩٥) وقع الطّاعون بتونس، فبلغ تسعمائة نفس في اليوم الواحد، فأقام ثمانية أشهر ثمّ إرتفع، فحزر (٣٩٦) من مات بتونس فناف على ستّين ألف.

ثمّ شرع محمّد باي (- رحمه الله تعالى -) (٣٩٧) في فعل الخيرات (٣٩٨)، فاحتفر بئرين بطريق القيروان وبنى بها مواجل كثيرة، وكذا بطريق قفصة آبارا وصهاريج تضاهي مصانع الأقدمين، وأخرى بطريق سوسة، وأحيى مصانع (٣٩٩) صفاقس بسور عليها بعد دثورها وأجرى المياه العذبة لباجة، وبنى (مدرسة ومسجدا ببلد الكاف) (٤٠٠) ومدرسة ومسجدا بباجة، ومدرسة بقابس مجاورة لسيدي أبي لبابة الأنصاري - رضي الله تعالى عنه - صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

وفي سنة ثلاث ومائة وألف (٤٠١) أنشأ أسواق الشّواشية الثلاثة، وكانت دورا ومخازن فاشتراها.

وفي هذه السّنة جاءت الأوامر الخاقانية بزيادة طوخ (٤٠٢) له ثان.


(٣٩٥) ديسمبر - جانفي ١٦٨٨ - ١٦٨٩ م.
(٣٩٦) كذا في ط، وفي ش وت: «فحوز»، وفي الحلل: «وكانت جملة».
(٣٩٧) ساقطة من ط.
(٣٩٨) لم يستوف كلّ منشئات محمّد باي، وذكرت في الحلل السّندسيّة ٢/ ٥٨٠.
(٣٩٩) في ط: «مواجن» ولعلّها المواجل المعروفة بالنّاصرية، وفي الحلل السّندسيّة ٢/ ٥٨٠: «وأحيى ماجل صفاقس بعد دثوره»، وإن كان ماجلا مفردا فالمقصود به فسقية الشّعري الكائنة بطريق العين على مقربة من المدينة خارج السّور.
(٤٠٠) ما بين القوسين ساقط من ط.
(٤٠١) ١٦٩١ - ١٦٩٢ م.
(٤٠٢) وهذه العلامة الرّفيعة تشعر أنّ صاحبها من الدولة العثمانية بمنزلة هي أعلى من منزلة باشا تونس: الحلل السّندسيّة ٢/ ٥٨٠.