للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن مشير بقتله، ومن مشير بسجن مؤبّد إلى أن إتّفقوا على تكحيل عينيه بالنّار بحيث لا ينقطع نسله ولا يطمع في الملك، ففعل به ذلك.

ثمّ انهمك رمضان في لذّاته حتّى إنقطع عن النّاس في لهوه بالشهور، وانقطعت شكوى المظلوم، يسهر ليله وينام نهاره، فأشفت دولته على الهلاك، واستقلّ مزهود بالأمور.

ولمّا جهّز رمضان محلّته الشّتويّة حمل معه إبن أخيه، ثم وضعه بحصار سوسة، ووضع معه مملوكا إسمه سليمان البيّاس ليرقبه، ثم سار نحو صفاقس فأقام بها أيّاما ثمّ لقابس.

ثمّ إن مراد باي برئت عيناه على سلامة في نظره ومادة (٤٥٢) نازلة من جفنه يكفها بمجفّف (٤٥٣).

فلمّا اطمأنّت به الدّار عمل على الحيلة في خروجه، فأطلع بعض خدّامه على مراده، فعملوا على قتل سليمان البيّاس فقتلوه ثم نقبوا الحصار وأخرجوه، وكان هناك فرس فعقلوه كالبعير، وأخرجوه من النّقب، فوقعوا / في خندق الحصار، فما زالوا طول ليلتهم يسعون في الخلاص إلى أن خلصوا، وكانت له محفظة (٤٥٤) محتوية على آلة (٤٥٥) التّجفيف لما ينحدر من مادّة عينيه من مقص وحمص وخرق وغير ذلك، فلمّا خرجوا سقطت وهم لا يشعرون، فلمّا انفصلوا تفقّدها عند جموم المادة وأظلمت عليه الدّنيا (٤٥٦) وخاف الفضيحة واجتماع المادة، فإذا برجل يركض خلفهم فخافوه فإذا هو صديقهم ومعه المحفظة، فقوي جأشه وثبت عزمه وقوي حزمه فتوجّه للقيروان في أربعة أنفار، ثم صعد جبل وسلات فقبلوه ومالت إليه أنفسهم وعاهدوه لإهمال عمّه المملكة ظنّا منهم أنّه أصلح من عمّه، فلمّا بلغ الخبر لعمّه أمر أهل وسلات باعتقاله فأبوا إلاّ القيام بدعوته، فلمّا أيس منهم رجع إلى تونس وتجهّز لجبل وسلات، فانحاز أكثر النّاس


(٤٥٢) في ش: «مدت».
(٤٥٣) في ش: «يجفف»، ونقرأ في الحلل: «فبينما هو في رحلته إذ تخلّص مراد باي من وحلته وكان في الحقيقة ما ضرّ الإكتحال بالنّار من عينيه شيئا، وإنّما وقع الإضرار في أهداب عينيه فقط، ونشأت عنه دمعة يكفّفها» ٢/ ٦٣٤.
(٤٥٤) في ت: «محفة».
(٤٥٥) في ت: «آلات».
(٤٥٦) ساقطة من ط.