للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ولايته لما يعلمون من شفقته وعطفه وحسن عهده وسلامة صدره من المكر والحقد والغدر، ولما جبله الله عليه من اللّين والرفق وحسن التّدبير والسّياسة، ففرح الخلق عامّة من أهل تونس وأوطانها وعجمها وعربها وبلدانها بتوليته، وسقط في يد أهل الفساد ما كانوا يتمنّون، وازداد أهل الخير فرحا به لما كانوا منه يرتقبون، وهو الّذي بشّر به الأولياء والصلحاء، وارتقب دولته العلماء والفضلاء قبل توليه بل قبل وجوده كالشّيخ المجذوب الصّاحي سيدي عبد السّلام الأسمر الطرابلسي الفيتوري تلميذ سيدي أحمد زرّوق وسيدي عبد الواحد / الدّكالي وكان من أهل القرن العاشر فإنّه بشّر به وبعترته قبل وجوده وأنه صاحب تونس، وأنه به تعمر، وهو الّذي يسعد الله به البلاد والعباد، فوقع كما قال ونصّه: «وأمّا تونس فمن حين يموت سبطها المسمّى باسم ولد فاطمة وعترته لا خير فيها، آه آه، آه على أهل إفريقية بعد السبط حسين، ولا يأت أمير أحسن منه إلى انقراض الدّنيا» ونوّه بذكره في مواضع كثيرة من وصيّته، كما نوّه كثيرا بذكر أحمد باشا قرمانلي (٥٣٨)، وكذا الشّيخ الفاضل أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الجمّني (٥٣٩) - رحمه الله ونفعنا به - بشّر سيدي حسين باي - رحمه الله - بالتّولية، وأوصاه بالرّفق بالرّعيّة، ودعا له بالبركة والتّأييد، فطلب من الشّيخ السّتر خوفا من أمير وقته فقال له:

لا عليك من بأس فإنّ الله تعالى أولاك ملكه واستخلفك في أرضه على عباده {قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ} الآية (٥٤٠) وكذلك الشّيخ الفاضل أبو الحسن سيدي علي النوري (٥٤١) أوصاه بمثل ذلك، ومن ثمّ قوي إعتقاده في أولياء الله، وكثرت محبّته للأولياء والعلماء وأهل الخير المنتسبين لجنب الله، وعظمت رغبته فلاحظ الأحياء والأموات بكلّ ما تيسر من الخيرات، فمن ثمّ نمت بركاته، وتزايدت خيراته، وبارك الله فيه وفي عترته، فهو سبب سعادة أهل بيته، وفّقنا الله وإيّاهم لما يحبّه ويرضاه، وأجرى الصالحات / على أيديهم وبارك فيهم.


(٥٣٨) في ت: «قرمالي»، وفي بقية الأصول: «من مالي» وأحمد قرمانلي هو مؤسس الدّولة القرمانللية بطرابلس، وتولاّها من سنة ١٧١٤ إلى سنة ١٧٤٥ م.
(٥٣٩) ١٠٣٧ - ١١٣٤/ ١٦٢٨ - ١٧٢٢ م، الفقيه الزّاهد صاحب المدرسة الجمنية بحومة السّوق بجربة، مؤلّف هذا الكتاب من تلاميذ تلامذته وسيترجم له المؤلف فيما بعد.
(٥٤٠) سورة آل عمران: ٢٦.
(٥٤١) علي النوري ١٠٥٣ - ١١١٨/ ١٦٤٤ - ١٧٠٦ م صاحب المدرسة النورية بصفاقس وصاحب الفضل عليها، سيترجم له المؤلّف فيما بعد.