للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان - رحمه الله تعالى - عفيف البطن من المسكرات والفرج من الفواحش والمنكرات. فاستقامت (٥٤٢) أحواله وانتظمت آماله، وسعدت رعيّته بسعده، ودافع عنهم بجدّه وجهده، فجزاه الله عن نفسه وعن رعيّته ما هو أهله، ومزاياه وفضائله بحر لا ساحل له.

وهذه العجالة لا تفي باستقصاء مآثره، وقد اعتنى بجمع ذلك جماعة نبلاء كالشّيخ أبي عبد الله محمّد الوزير (٥٤٣) وأضرابه (٥٤٤) فذكروا من مزاياه ما يثلج (٥٤٥) صدر أهل الخير والفضل الّذين يفرحون بالأمر الصّالحين المحسنين لرعاياهم، وامتدحه الشعراء من كل مكان فأحسن جوائزهم، ووفدت (٥٤٦) عليه الوفود فأكرم نزلهم وأحسن وفادتهم.

وافتكّت عساكر الجزائر - رحمهم الله - وهران من يد عدوّ الدّين أواخر شوّال سنة ثمان عشرة ومائة وألف (٥٤٧) ثمّ ارتجعها النّصارى حتّى افتكوها على يد الأمير محمّد، باي تلمسان، حسبما أشرنا إليه عند تعرضنا لذكر بلد الجزائر.

وفي سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف (٥٤٨) قدم خمسة أغربة من مالطة - دمّرها الله - دخلوا جزيرة الجنان بنواحي (٥٤٩) البقالطة فنزلوا البر لأخذ الماء، فهجم عليهم أهل وطن المنستير، فدخلوا عليهم الجزيرة، فانهزم الكفّار ومات منهم نحو المائة والعشرين، وأسّر المسلمون منهم نحو المائتين، واستشهد من المسلمين اثنان وكانوا قبل / ذلك باتوا على صفاقس ليلة واحدة، فرموا عليهم بالمدافع فأصابوا سفينة كبيرهم ففرّوا هاربين مخذولين.

ولسيدي حسين باي - رحمه الله تعالى - مبان (٥٥٠) عظيمة فمنها صهريجه العظيم الشأن بتونس، وهو مشهور باسمه، ومنها مسجده الأنور بمدينة تونس، ومدرسته المتّصلة


(٥٤٢) في الأصول: «استقت».
(٥٤٣) هو السراج الأندلسي الأصل في كتابه الحلل السّندسيّة في الأخبار التّونسيّة.
(٥٤٤) مثل الشّيخ محمد سعادة في قرة العين.
(٥٤٥) كذا في ط، وفي ت: «يلج»، وفي ش وب: «ينج».
(٥٤٦) في الأصول: «وفد».
(٥٤٧) ٣ فيفري ١٧٠٧ م.
(٥٤٨) ١٧١٨ - ١٧١٩ م.
(٥٤٩) من ولاية المهدية.
(٥٥٠) في الأصول: «مباني».