للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به على أبدع نظام وأبهج: منظر وإحكام، وبه تربته - رحمه الله - متّصلة به، وكذا مدرسته المشهورة بالنّسبة إليه في صفاقس (٥٥١) ولها نور زائد تنبسط النّفس وتميل إليها عند الدّخول إليها، وكذا جميع مبانيه - رحمه الله تعالى - وذلك يدلّ على حسن نيّته وخلوص طويّته، ومنها إحياؤه للمدرسة اللّطيفة بالطّيبيّين (٥٥٢) من تونس قرب جامع الزيتونة (٥٥٣)، وحبّس على كلّ بناء أحباسا تقوم به، وأجرى المرتّبات على أهل العلم القائمين بذلك من معلمين ومتعلمين، وغير ذلك من المباني العظيمة وتتبّع ذلك يطول.

وبالجملة فهو - رحمه الله تعالى - من غرر الزمان ونوادره، وعلامة ذلك أنّ الله جبل القلوب على محبّته، فكلّ من سمعه ترحّم عليه وودّ أنّه كان في زمانه لما يسمعون من حلمه ورفقه برعيّته واكتساب النّاس في أيّامه الدّين والدّنيا وأمن البلاد والعباد، وتطويع أهل البغي والفساد من العربان وقطّاع الطّريق.

وفي أيّامه - رحمه الله تعالى - رخصت (٥٥٤) الأسعار، وعمرت الفيافي والقفار فضلا عن المدن والقرى والدّيار، / وتسارع العربان لطاعته لحسن سيرته وصالح نيّته وإرادة الخير لرعيّته.

وكان - رحمه الله تعالى - أوّلا أمّر على محاله وأسفاره المرحوم نجل أخيه محمّد - رحمه الله - سيدي علي باشا، وزوّجه إبنته وعلّمه من العلوم ما هو به مشهور، وأحسن إليه غاية المقدور، ثمّ كساه خلع الباشوية بالأوامر السّلطانية العثمانية، وأقامه بدار الباشا لدفع المرتّبات للعساكر والنّظر في أمورهم، وأقام في مقام البياية نجله الأسعد الأكبر سيدي محمّد بن سيدي حسين باي - رحم الله جميعهم - فاستمرّ الحال على ذلك إلى أن آن الأوان وأراد الله إبراز ما قدّر من تولية الباشا على تونس - رحمه الله تعالى وعاملنا وإياه بالعفو والغفران -، فتحرّك لما جرى وسطّر في أمّ الكتاب.


(٥٥١) وهي موجودة إلى الآن وقد صارت مدرسة إبتدائيّة منذ السّنوات الأولى للإحتلال الفرنسي.
(٥٥٢) هو سوق العطارين، وفي الأصول: «الطبيين».
(٥٥٣) بعدها في ط: «وتسمّى الآن بمدرسة النخلة لكونها بوسطها نخلة».
(٥٥٤) في الأصول: «رخست».