للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفاقس وسائر السّاحل (٢٢)، وهو، فيما ذكر لي أحمد وغيره، كان بنى (٢٣) جامع صفاقس وسورها بالطّوب (٢٤) وبنى المحرس الجديد (٢٥). قال: وكان يعدل في أحكامه، وكانت له دنيا عريضة، ومنازل كثيرة، منها / جبنيانة وغيرها له بها رباع عجيبة، وكان له بصفاقس رباع كثيرة، ولقد وقع في مكاتبات سحنون إلى علي بن سلم قاضي صفاقس أنّه بلغني أنّ قبلك قوما ينكرون المنكر بأنكر منه، فازجرهم عن ذلك والسّلام» (٢٦) اهـ‍.

ثمّ بعد ذلك جعل النّاس على السّور المذكور أوقافا، إبتغاء لوجه الله، فكلّما وقع جانب من سور الطّوب ردّوه بالحجر والجير، وفي أيّام السّلطان أبي فارس (٢٧) الحفصي - رحمه الله تعالى - جدّد الباب الجبلي وما يليه من السّور، واسمه مكتوب على الباب في حجر (٢٨) وهو باق إلى الآن، واعتنى النّاس ببناء السّور وترميم ما انهرش منه إعتناء كثيرا، وإلى الآن والحمد لله لا ينقطع منه الفعلة دائما وأبدا، فقد صار في غاية المنعة (٢٩) والحمد لله.


(٢٢) صفاقس من السّاحل، وما يعبّر عنه بالسّاحل فهو المنطقة السّاحلية الممتدّة من بوفيشة إلى المحرس آنذاك ويحدّده الجغرافيّون حاليا من بوفيشة إلى الشّابة.
(٢٣) في الأصول: «بنا».
(٢٤) كشفت لنا الحفريّات الأثريّة في الرّكن الجنوبي الغربي من السور، بقايا من الطوب المبني به هذا المعلم قبل تجديده.
(٢٥) في المناقب: «الذي يعرف بمحرس علي، وهو الآن يعرف بمحرس علي»، ص: ٣، هو البلدة المعروفة الآن ببلدة المحرس.
(٢٦) المناقب ص: ٢ - ٣.
(٢٧) أبي فارس عبد العزيز كما جاء في النّقيشة الّتي تعلو الباب من الدّاخل.
(٢٨) نقرأ في هذا الحجر: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صلى الله على سيدنا محمد النصر والتمكين والفتح المبين لمولانا الخليفة الامام أمير المؤمنين أبو فارس عبد العزيز، عمل هذا الباب بمكانه في أوائل محرم فاتح شهور ثلثة وعشرين وثمانمائة غفر الله لمن وقف وصرف». الموافق جانفي - فيفري ١٤٢٠ م. وجدّد الباب مرّة أخرى في شعبان ١٢٢٤ / سبتمبر ١٨٠٩ م على يد محمّد المنيف والتّاجر الأمين إبراهيم السّلاّمي.
(٢٩) كانت للسّور أوقاف ورباع ووكيل - مقدّم - يقوم بالإنفاق على السّور من أمواله، لإصلاحه وترميمه بمشورة أهل الحلّ والعقد، وفي سنة ١١٦١/ ١٧٤٨ كان الحاج عبد العزيز السّلاّمي مقدّما على السّور حسب النقيشة الّتي تعلو باب الدّيوان من الدّاخل المقابل لجامع العجوزين.