للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفنارات (١٠٣)، وأخرج كلّ ما كان بالدّار والزّاوية حتّى أن رجلا دخل تحت صندوق (١٠٤) الشّيخ أخرجه، ثم خرج وبعد / ذلك حمله بغضه للشّيخ أبي الحسن الكرّاي - نفعنا الله به - على دخول حرم زاويته (١٠٥)، وكان الشّيخ معتكفا بها ملازما للاعتكاف، فهجم وهو سكران على الشّيخ وأخرجه وأكرهه على المشي معه لداره، فاستغاث الشّيخ بالله تعالى وقال: «يا قهّار» ثلاثا، ثمّ استصرخ أولياء الله، فنادى بسيدي عبد القادر (١٠٦) ثلاثا (ثم عمّم رجال الله ثلاثا) (١٠٧) فلمّا ذهب سكره رجع نادما، فأتى الشّيخ وقال له: ندمت (١٠٨) فقال: ندمت حيث لا ينفعك الندم، وتندم وكررها ثلاثا، ثم أتاه بشربات تطييبا لقلبه، وكان الشّيخ صائما فأبى، فأمره بالرّجوع إلى زاويته نهارا، فأبى ذلك وقال: لا أرجع إلاّ ليلا، فلمّا حلّ الفطر وصلّى المغرب عرض عليه الطّعام فأبى حتّى جيء له بشربة ماء من زاويته فأفطر عليها، فلمّا أراد الإنصراف أتى له بفرس الزّاوية، فلمّا أراد الرّكوب حمل له الفاسق الرّكاب (وتحلّل من الشّيخ وخاف وارتعد قال الشّيخ أبو الحسن - رحمه الله تعالى -) (١٠٩): وكان مع إبن عطية خليله المتجري الأكبر الذي نزل عليه البلاء واحتاط الشقي قاسم الخرّاط وغيره من أتباعه لا سامحهم الله.

وكان الهجوم على الزّاويتين يوم السّبت، فلمّا كان الخميس الذي بعده أتى الخبر من محمّد باي إبن المرحوم مراد باي من بلد الكاف وأنّه حاز المحلّة والبلاد في تلك الساعة التي دخل فيها للزاويتين، فرعب إبن عطية من ذلك رعبا عظيما، وأرسل محمّد باي إبن الانكشاري لصفاقس وأمره بالقبض على إبن عطية، وجهّز معه نحو العشرين فارسا، فتوجّهوا / لصفاقس وسبق إبن الانكشاري ومعه فارس واحد، فلمّا بلغه خبر وصولهم


(١٠٣) في ش: «فيارات»، وفنارات ج فنار، فانوس زيتي يصعب وصفه لعدم معرفتنا لجزئياته، وكانت للمدينة حسب ما ترشدنا إليه دفاتر الأحباس المحفوظة بمتحف صفاقس فنارات تنير الشوارع ليلا.
(١٠٤) يقصد التابوت الذي يعلو القبر.
(١٠٥) الموجودة الآن في الشارع الذي يحمل إسمه داخل المدينة.
(١٠٦) عبد القادر الجيلاني (١٠٧٧ - ١١٦٦ م) مؤسس الطريقة القادرية ومن كبار الصوفيين، فتح له زاوية في بغداد، وكانت الطريقة القادرية من الطرق الصوفية الرائجة في صفاقس في عصر المؤلّف، ولها أتباع كثيرون.
(١٠٧) في ب وط: «ثم عمم في الاستغاثة فصار يقول: يا رجال الله، ثلاثا، فلمّا أدخله بعض دوره رجع الكلب نادما».
(١٠٨) في ط وب: «قد ندمت».
(١٠٩) ما بين القوسين ساقط من ط.